No Script

من الخميس إلى الخميس

مُلحد رمضان

تصغير
تكبير

اليوم نودع رمضان...
في شهادة ميلادنا كلمة مسلم في خانة الديانة، أعرف كثيرين ليس لديهم من تلك الكلمة سوى حروفها، بعضهم لا يعترف في الدين ولم يسأل يوما نفسه إذا ما كانت هناك حياة بعد الموت، وهل فعلا هناك رصدٌ لأعمالنا في الدنيا وسنحاسب عليها؟
سؤال كبير يحتاج إلى عقل منفتح، وجوابه أيضا كبير ويحتاج إلى روح شفافة، الكثير من الملحدين الذين مرّوا علي لم يجرؤوا أن يسألوا أنفسهم هذا السؤال وألبسوا أرواحهم لباس الشّك حتى يجدوا مهرباً من ذاك السؤال.


انشغلوا في كل أمر سوى البحث عن حقيقية الإيمان، اجتهدوا في أعمال الدنيا ووضعوا لها الخطط رغم أن بعضهم لم يتبق له فيها سوى سنوات قليلة، وأهملوا خطط ما بعد الدنيا التي ستبقى معهم بصورة أبدية.
أحدهم كان يحمل في سفره أموالا نقدية كثيرة وبطاقات ائتمان عديدة، سألته عن السر، فأجاب احتياط، إذا ما توقف عمل البطاقة لأي سبب أجد البديل، فسألته لماذا لم تحتط لما بعد الموت؟ ابتسم وهرب كالعادة، يخشى الإيمان لأنه يعتقد أن الدين قيود، وأن سعادة الدنيا هي في البعد عن تعاليم الكهنوت وقيود الممارسات الدينية.
اليوم نودع رمضان...
هذا الشهر المزعج للملاحدة ومن يسير في دربهم، بعضهم يهرب لبلد لا يشعر فيها برمضان، والبعض يجتهد ليُفسد على المؤمنين هذا الشهر، يجتهد ليجعل «رمضان» موسم لهو وتسالي بدل أن يكون موسم عبادة وتأمل.
اليوم نودع رمضان...
الشهر الذي بين أيامه ولياليه الإجابة عن السؤال الكبير، الشهر الذي يثبت لنا جميعا أن الراحة الحقيقية هي في سجدة طويلة، وأن النفس تسكن حين تناجي ربها، وأن السعادة التي يشعر بها الانسان المتهجد محروم منها من هرب من رمضان بكل طرق الهروب.
اليوم نودع رمضان...
سنفتقد تلك السعادة التي مرت بِنَا وذاك الصفاء الذي استمتعنا به، ولو كان للإيمان مثلُ تلك الثمرة في الدنيا فقط لكان يستحق أن نتمسك به.
اليوم نودع رمضان...
ولعل ساعة الوداع هذه تفتح أعين دعاة البعد عن الدين فيتأملوا في خلق الله وينتظروا معنا رمضان المقبل.
رمضان شهر السعادة الذي تنتظره أرواحنا وتودعه أعيننا بدموع الحزن، ويبقى رمضان بوصلة الروح لخالق الروح.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي