No Script

ألوان

لعبة التزييف

No Image
تصغير
تكبير

تمتلك السينما البريطانية تاريخاً عريقاً، بيد أنها باتت محاربة إعلامياً من جهات عدة، ساهمت في تقويض انتشار هويتها وثقافتها، وأن سلسلة من الافلام البريطانية المتميزة حاضرة في ذاكرة السينما، وهناك «بافتا» وهي جائزة تمنح من قبل الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون للاعمال المتميزة، وقد تأسست في عام 1947م، وهناك أسماء لامعة من المخرجين والممثلين البريطانيين الذين قصدوا هوليوود بحثاً عن المزيد من الأضواء والمال والإبداع.
ولقد شاهدت أخيرا فيلماً سينمائياً مميزا يحمل اسم «لعبة التزييف»، وهو فيلم تاريخي بريطاني بمشاركة أميركية عن عالم الرياضيات ومحلل الشفرات وعالم الحاسوب «آلان تورنغ» الذي كان له الدور الرئيس في فك شفرة الأنجما الالمانية النازية التي ساعدت الحلفاء على الانتصار في الحرب العالمية الثانية، لكن لاحقاً يتم محاكمته بسبب مثليته الجنسية.
ولقد نزل الفيلم إلى الاسواق في عام 2015م وهو من إخراج مورتين تيلدوم، وهو مخرج نرويجي من مواليد عام 1967م تخرج في مدرسة الفنون المرئية، له أعمال عدة منها فيلم لعبة التقليد في عام 2014م، وقد تصدى لكتابة السيناريو جراهام مور، وحصل الفيلم على جائزة الأوسكار لأفضل كتابة سيناريو كما رشح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وجائزة الأوسكار لأفضل ممثل إذ ان البطولة كانت للممثل بيندكت تيموثي كارلتون كومبرياتش، وهو ابن الممثل البريطاني تيموثي كارلتون كومبرباتش، ومعه ممثلون بريطانيون آخرون هم كيرا نايتلي ومارك سترونج وتشارلز دانس واليكس لوثر وروري كينير وماثيو جوود وتوم غودمان هيل وفيكتوريا ويكس وستيفن وادنجتون، والأميركي جاك بانون.


إن هذا الفيلم يحمل في طياته الكثير من النقاط الجانبية المهمة، فهو يقدم السينما البريطانية الحديثة بصورة تليق بها كما أنه يقدم لنا فرصة كبيرة للاطلاع على مواهب بريطانية، خصوصاً في التمثيل إذ اننا اعتدنا على وجود ممثلين بريطانيين في الكثير من الافلام الاميركية الأكثر انتشاراً وتطورا، ولكن لا يعني ذلك بتاتاً تجاهل إبداعات تمارس في عالم السينما في العديد من دول العالم ومنها المملكة المتحدة.
ومن شاهد أو تابع تفاصيل الفيلم بدقة، فإنه سيلاحظ أن المخرج قام بإسناد دور البطولة لممثل موهوب بالفطرة، هو الممثل بيندكت تيموثي كارلتون كومبرياتش، وهو ممثل بريطاني نشأ في بيئة فنية فوالده هو الممثل البريطاني الشهير تيموثي كارلتون كومبرباتش. والفيلم يغوص في أعماق النفوس البشرية أثناء فترة عصيبة من تاريخ العالم بشكل عام ومن تاريخ قارة اوروبا بشكل خاص، وهي حرب لا يوجد شخص أوروبي لم يتعامل اجداده معها، خصوصاً أنها حملت في طياتها سلسلة من المواقف، ناهيك عن زوايا التصوير التي تعكس حرفية عالية، عملت مع المخرج بكل احترافية، بالإضافة إلى أن الفيلم يقدم نموذجاً رائعاً لعالم رياضيات فذ ترك بصمة كبيرة أثناء وبعد حياته، فقد كان وراء انتصار الحلفاء على هتلر، إضافة إلى أنه كان وراء انتهاء الحرب بوقت قصير، فلولا قدرته على قراءة وتحليل الشفرة الألمانية لتأخر وقت انتهاء الحرب لمدة سنتين على حد قول المخرج وكاتب السيناريو، ولم يكن يعمل عالم الرياضيات في بيئة صحية فقد كان متهما بالتجسس، بل كان معه مساعد يتجسس عليه ليوصل بعض المعلومات ليس لألمانيا بل للاتحاد السوفياتي، وهو جاسوس كان مكشوفاً للمخابرات البريطانية، التي كانت ترعى عالم الرياضيات ليصل إلى هدفه العلمي السامي.
وقد يتساءل البعض عن الأفكار المتدفقة في التطرق لنوعية أفلام راقية تحظى باقبال الجمهور، وتحصل على إطراء النقاد السينمائيين، وهو أمر مرتبط بالابتكار وبالأفكار الجديدة، بل حتى الأفكار التي سبق وأن تناولها سينمائيون، لا بأس في تكرارها طالما هناك رؤية فنية جديدة ولغة سينمائية أكثر حيوية، تمنح المتلقي فرصة مشاهدة فيلم سينمائي متماسك يحقق المتعة البصرية والذهنية، كما أنه مادة للاجيال الحالية والقادمة، سواء الجمهور او من يريد تعلم الصناعة السينمائية سواء في التصوير أو الاخراج.
إن السينما البريطانية التي قدمت لنا في السابق تشارلي تشابلن وجيمس بوند الشخصية، التي قدمت لنا الممثل دانيال كريغ قادرة على تقديم أسماء لامعة مثل انتوني هوبكينز وكيت ونسيلت واخرين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي