No Script

خواطر صعلوك

احمد ربك... ولا تكتب في السياسة!

تصغير
تكبير
صباح الخير... لكل العاشقين للحياة.

صباح الخير لكل الذين استيقظوا صباحاً ليصلوا الفجر ثم يأكلوا «بيض وطماط أو قيمر وعسل»، معتبرين أن الدنيا بما فيها قد حِيزت لهم.


صباح الخير على جارتي التي تقول لي كل يوم بوجه باسم «لو سمحت... افتح باب سيارتك شوي شوي علشان لا تزلغ سيارتي».

صباح الخير على كل الذين تسعدهم رسالة البنك المنتظرين لمعاشاتهم ليسددوا إيجاراتهم وأقساطهم ويحققوا نصف كل الوعود التي أطلقوها لأبنائهم على مدار الشهر.

صباح الخير على الراكبين سياراتهم ومتجهين لأعمالهم بسرعة متوسطة وطريقة في القيادة لا تشعرك أننا في حرب أهلية صباحية.

صباح الخير على ضحكة حلوة مع عامل نظافة أو مندوب وزارة أو زميل مهموم أو مراجع قادم من بيته خِمَاصاً ويريد أن يعود بِطَاناً.

صباح الخير على زوجة وأم لثلاثة أو ما دون ذلك أو أكثر يرضيها مطعم بسيط، وجلسة منزلية مع فيلم أبيض وأسود أو مسلسل باهت الألوان مع قليل من المكسرات والتمر والشاي والقهوة.

صباح الخير على أب يوصل أبناءه إلى المدرسة وينتظرهم عند الباب ويدعو الله من كل قلبه أن يخرجوا مبتسمين، صباح الخير على الراضين بحالهم وغير العابئين بمستقبلهم الذين يبحثون عن خردة عشرين ديناراً في أول الشهر وخردة عشرين فلساً في آخره، صباح الخير على الوافدين والعمال والصنايعية الذين يفكرون في الطوابع والإقامات، والمدرسين والأطباء والمحاسبين الباحثين عن الكرامة، صباح الخير على «البدون» وأبنائهم وأحلام كثيرة قيد الانتظار، صباح الخير على حراس المدارس والمؤسسات والمباني الذين وقعوا عقوداً براتب 150 ديناراً ولكنهم يتسلمون 90 ديناراً فقط، صباح الخير على كل صحافي مازال يعتقد أنه يعمل في «صاحبة الجلالة»، وعلى كل كاتب يرتعد خوفاً بعد إرسال كل مقالة، وعلى كل مدير تحرير يترأس السلطة الرابعة وليس السلطة بالخيار والجزر.

صباح الخير على أصدقائي الأدباء والشعراء الذين يؤمنون أن الإبداع لا يبدأ من فوق الركبة وأن التميز لا علاقة له بما دون السرة، صباح الخير على جيل الثمانينات، جرندايزر وخماسي وكابتن ماجد، صباح الخير على كل الذين بكوا في الحلقة الأخيرة من «جونكر» الذي مات وهو يحارب الأشرار ليكتشفوا أن الأبطال أحياناً لا يكون مكانهم فوق المنصة بل تحتها أيضاً!

صباح الخير على أبي الذي يقول لي دائماً: «احمد ربك ولا تتفلسف... ولا تكتب في السياسة»، فأرد عليه «إن شاء الله يبا... راح أكتب مسلسل تلفزيوني... قصة حب» فلا يبتسم.

صباح الخير على الناظرين للبحر والجالسين في البر والباحثين عن التقوى وعلى كل السائرين على الأرصفة ليسمحوا للمواكب أن تمر.

صباح الخير على ذلك الرجل الذي ذهب لمعاملة يعلم أنها لن تمر من دون واسطة، وتلك الموظفة التي تعرف حدود الأدب واللياقة في العمل، وذلك المدير الذي يكتب التقارير بناء على الكفاءة وليس العلاقات.

صباح الخير على تلك الحجية في سوق المباركية التي صرخت بأعلى صوتها «الفقير اللي ما عنده واسطة منو يحميه؟».

صباح الخير على الذين لم يقيدوا في الانتخابات إلى الآن، وعلى الذين لا يوجد في هواتفهم رقم لعضو مجلس أمة، وعلى الذين يتابعون أسعار الجمعية التعاونية أكثر من أسعار البورصة.

صباح الخير على المتقاعدين الذين لم يكرموا بعد تقاعدهم، وعلى الشباب الذين تم استهلاكهم في خطاب لم يمسهم، وعلى الطبقة الوسطى التي تقع في شقق الإيجار أو تقع على رقبتها أحيانا... صباح الخير على الجميع.

صباح الخير على ابتسامة طفلة جالسة في مقعد سيارة أبيها الخلفي، وعلى أخيها العابس وشعره المنكوش، وعلى خادمة نامت بعد الواحدة ليلاً لتستيقظ في السادسة صباحاً.

صباح الخير على كل الذين أطفأوا سجائرهم في طفيات سياراتهم، وعلى رجال المطافي الذين يطفئون حرائق سببها غيرهم، ورجال شرطة شرفاء يحاربون جريمة هم ليسوا طرفاً فيها، وموظفي بلدية لا يأخذون رشاوى، ومواطن قدم بلاغاً للنائب العام لمواجهة الفساد.

صباح الخير على مزارع كويتي ما زال يعتقد أنه يستطيع أن يزرع، وعلى صاحب مشروع صغير يعتقد أنه قادر أن ينافس، وعلى عامل فني في القطاع النفطي مازال يحلم أن يترقى، وعلى قارئ تورط في قراءة هذا المقال، وعلى كل صحافي وصحافية في جريدة «الراي» الغراء التي يحبها القراء.

صباح الخير على قراء الموقع الإلكتروني بووليد وبومشاري ومنادي وحليم حيران والكاميرا الخفية ومسلم مواليد الكويت ونشأت عليان ومها وفجر وعيسوي ويسرا من السودان.

صباح الخير على قراء الجريدة الورقية مع فنجان قهوة صباحي.

صباح الخير على كل الذين يحملون الكويت على أكتافهم... من دون أن يراهم أحد.

صباح الخير على الكويت... صباح يشبه طفلة صغيرة تحلم أن تنتقل من خانة الجندي إلى خانة القلعة خوفاً من الفيل والوزير في رقعة شطرنج بمساحة 18 ألف كليو متر مربع.

كاتب كويتي

moh1alatwan@
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي