No Script

ببساطة

موسم تصعيد

تصغير
تكبير

عادة ما ينشغل النواب والحكومة بتجهيز وإقرار الميزانية العامة للدولة مع اقتراب نهاية أدوار انعقاد مجلس الأمة، حيث نجد الأجواء السياسية تهدأ في هذه الفترة بشكل عام، ما لم يكن هناك خلل فاضح في الميزانية، إلا أن الواضح للمتابع للشأن السياسي، أن دور الانعقاد الحالي - الذي شارف على الانتهاء - يشهد حركة متسارعة «سياسياً»، فبعد التصريحات النارية لبعض النواب، التي صاحبت عرض مشروع الشمال على اللجنة المالية في مجلس الأمة، وتلويح أحد النواب باستجواب النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الدفاع، جاءت جلسة استجواب وزير التجارة التي انتهت إلى تقديم طلب طرح الثقة بالوزير من عشرة نواب، وما أن انتهت هذه الجلسة وقبل انعقاد جلسة التصويت على طرح الثقة بوزير التجارة أعلن نائب آخر عن نيته تقديم استجواب «دسم» لوزير الداخلية، كما تتردد الأخبار عن نية نائب آخر لاستجواب وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، ويبدو لي أن الأيام القمقبلة ستشهد المزيد، فما هو سبب هذه الاستجوابات المتتالية؟
بداية - وقبل تحليل أسباب ودوافع تلك الاستجوابات - علينا أن نراجع الاستجوابات التي مرت على هذا المجلس تحديداً، وكيف تم التعامل معها، فمع بداية هذا الفصل التشريعي أحدث المجلس «ربكة» في صفوف الحكومة بعد استجواب وزير الشباب؛ الذي انتهى باستقالة الوزير المستجوَب، ثم استجواب وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الاعلام مع بداية دور الانعقاد الثاني، لينتهي الحال باستقالة الحكومة وتشكيل الحكومة الحالية بعد مخاض عسير استمر لما يزيد على الأربعين يوماً... ورغم عدم وجود تغيير كبير في تلك الحكومة، إلا أنها كما يبدو استدركت «ربكتها» وغيرت «تكتيكها» المستخدم مع المجلس «الجديد»، فاستطاعت الحكومة أن تجتاز العديد من الاستجوابات، ولعل ابرزها استجواب رئيس الوزراء، كما أحكمت قبضتها على المجلس، الذي لم يتمكن من انجاز أي مشروع لا توافق عليه الحكومة حتى لو امتلك الغالبية، وأفضل مثال على ذلك قانون التقاعد المبكر، الذي ردته الحكومة رغم اقراره بغالبية برلمانية مريحة، وفرضت تعديلاتها من خلال اقرار قانون جديد أثار جدلاً واسعاً في الفترة الماضية.
نأتي الآن على الوضع الراهن لنرى أن الحكومة لا تزال متمكنة من جميع مفاصل اللعبة، وقد بدا ذلك واضحاً بعد استجواب وزير التجارة؛ الذي أظن بأنه سيجتاز جلسة طرح الثقة بأريحية، خصوصاً بعد إعلان العديد من نواب «المعارضة» دعمهم له، أما استجواب وزير الداخلية «الدسم»، فلا أعتقد بأنه سيختلف كثيراً، فالمجلس عاجز تماماً أمام الحكومة التي حققت كل ما تريد خلال الفترة الماضية، وتمكنت من إجهاض كل محاولات النواب لتنفيذ وعودهم «الانتخابية»، فلا تغيير لقانون الانتخاب ولا تحصين للمواطنة.


برأيي، هناك أسباب عدة «مختلفة» لما يحدث اليوم من تصعيد؛ بداية من الاسباب المعتادة، كالمساومة السياسية من أجل تحقيق بعض المكاسب الشخصية كتمرير المعاملات وغيرها، أو إبراء للذمة أمام الناخبين، خصوصاً مع اقتراب نهاية الفصل التشريعي، أو أنها جزء من «صراع الأقطاب»، أما «الذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله» فيبدو بأنه آخر هم النواب الحاليين.
نهاية، قد تكون الاستجوابات المقدمة في الفترة الحالية مستحقة، وقد أكون ظلمت النواب لاعتقادي بأن مصالح الشعب آخر همومهم، لكن مسار الأحداث والواقع الحالي يفرض عليّ هذا الظن، فالنواب لم يبدوا جديتهم في التعامل مع الملفات العالقة ولم نجد تحركاً نياباً حقيقياً لكسب الرأي العام وتشكيل ضغط شعبي جدي على الحكومة، كما أنني لا أستوعب أبداً ذلك المنطق السياسي «الكويتي» الذي يوقّع فيه نائب على طلب عدم التعاون مع رئيس الحكومة - أي أنه يريد اسقاط الحكومة بالكامل - وفي الوقت ذاته يدعم ويؤيد وزيراً في الحكومة ذاتها؟! لذلك لا أرى سبباً لهذه الاستجوابات المتتالية سوى دخولنا في موسم التصعيد الذي يسبق نهاية كل فصل تشريعي.

dr.hamad.alansari@gmail.com
twitter: @h_alansari

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي