No Script

للمتزوجين... ومن على وشك الطلاق!

تصغير
تكبير

يمر أي إنسان بمراحل في حياته، ليس فقط على مستوى العمر، ولكن أيضاً على مستوى الاختيارات والعمل وشكل الأصدقاء والمواضيع التي تستحوذ اهتمامه، بل وحتى قيمه الداخلية التي تتغير أولوياتها وترتيبها، فقيمنا في فترة الطفولة أو المراهقة لا تشبه قيمنا ونحن في الأربعين أو الخمسين.
ومن المراحل المهمة جدا مرحلة الزواج التي تعتبر نقلة نوعية في خط عمر الإنسان. وما أريد التنبيه عليه اليوم هو أن كل المراحل تتطور والمرحلة الواحدة أيضا تتطور.
والزواج ذاته يمر بمراحل تبدأ من التشكيل، وتكوين الانطباعات الأولى ورفع سقف التوقعات المبنية على الأدوار والاهتمام والرعاية، بالإضافة إلى القلق غير المعلن من عدم وضوح الرؤية وفقه الأولويات واختلاف الطباع والاهتمامات، بل واختلاف وجهات النظر في الاهتمام المشترك أحياناً.


تتكون الأفكار وتتبلور التصورات، وحين تستحوذ على أذهان الزوجين تغدو قوة تدفعهما إلى مرحلة ما بعد التشكل.
ويمر الزواج بمرحلة العاصفة والتوتر، والبحث عن إجابات لأسئلة نتيجة الصراع الداخلي وغياب المعايير الناظمة لإيقاع الحركة الأسرية في المناقشة والحوار، وفقدان مهارات التواصل ولغة الخطاب الواضحة، وتضخم الإحباط الناتج عن توقعات الزوجين والأداور المطلوبة من كل منهما.
وفي هذه المرحلة نحن لا ندرك غالبا أهمية الرفق وحسن الظن والدعاء والدعم، لكي تمر سفينة البيت المعمور بأهله بسلام.
إلى هنا نصل إلى مفترق طرق... إما الانتقال إلى الأمام عبر الحوار والمناقشة والتفهم والتفاهم، واستحضار الأدبيات الإسلامية في حل المشاكل وايجاد البدائل للأسرة. وإما العودة للخلف... الطلاق.
بمجرد أخذ خطوة للأمام والخروج من العاصفة الزوجية إلى مرحلة وضع الحلول وبناء الجسور، وزراعة وردة في شعر من تحب بدلاً من قطع شجرة لصناعة كوخ جديد، وإشعال شمعة بدلاً من إشعال قلوب، ودعاء الله الدائم وليس استدعاؤه المنقطع، حتى نصل إلى بر الأمان والنمو والتعلم والمعرفة والخبرة المتراكمة لحل خلافتنا ومشاكلنا.
ولكن هذا لا يعني أن الأمور انتهت هنا، فمع المولود الأول والثاني ندخل في مرحلة جديدة من التشكل والعاصفة والأسئلة والمناقشة والانفتاح والتعبير الصادق، وصولاً إلى شكل جديد من العلاقة ومرحلة تراكمية من النمو والحب والمودة والرحمة.
وكذلك في مرحلة بلوغ الأطفال وعبورهم للمراهقة، يعيد الزوجين تشكيل العلاقة والأدوار وشكل الحب والاهتمام والرعاية الأسرية.
دائماً وعلى طول الخط ستحدث مشاكل بين الزوجين، قد تصل إلى الصراخ والتشكيك في النوايا، وقد تصل إلى جلسة هادئة لمناقشة المواضيع نفسها، ودائماً لا يوجد وصفات جاهزة لحل المشاكل الزوجية أو الطوارئ الأسرية.
ولكن المهم بالنسبة لنا جميعا أن نعي أن الزواج يمر بمنعطفات في الوقت نفسه، الذي يسير به في خط مستقيم، ايقاع من الحركة شبيه بحركة الشمس، وهي تجري لمستقر لها وحركة الكواكب حولها وهي تسبح في الفلك ليتشكل معنا الليل والنهار والفصول الأربعة، ومن المستحيل أن يكون ربيع السنة الأولى من الزواج هو ذاته ربيع السنة العاشرة، إنها رحلة ومرحلة وارتحال، رغم أنها تحت ذات السقف إلا أنها تقرأ البدايات بشكل مختلف.
إنني أخاطب المتزوجين الجدد، ومن هم على وشك الطلاق، أخاطب من هم في حالة «الما بين» المتزوجين ولكنهم ليسوا متزوجين، كل ما يجمعهم ابناؤهم وورقة زواج ما زالت صالحة للاستعمال الحكومي، أخاطب من هم على وشك الطلاق رغم علمهم أن الحياة الزوجية ليست كما في «الانستغرام» وبعض الروايات والمسلسلات، التي تأخذ الناس لمساحات من الغفلة أكثر من الذكر لكل ما هو جميل وحسن في حياة الناس.
أخاطبكم وقبلها أخاطب نفسي بشكل مباشر وصريح: أنا لا أقول إن بيتك هو طريقك في الدنيا، وهو حشرك في الآخرة، ولا أقول ان رؤيتك لبيتك هي رؤيتك لما سواه... ولكني أقول إن الأمر يبدو كذلك!
ولا أقول إن الطلاق يكثر في السنة الأولى من الزواج، كما يكثر في السنة الخامسة أو العاشرة، ويحدث بشكل سريع ومفاجئ أحياناً، من دون أن نسأل أنفسنا... هل كان الأمر يستحق التأمل أكثر؟ ولكني أقول إن الأمر يبدو كذلك!
@moh1alatwan

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي