No Script

رؤية ورأي

المرشّحون الجدد

تصغير
تكبير

مع تزايد احتمالات تنظيم انتخابات تكميلية في الدائرتين الانتخابيتين الثانية والثالثة، أعلن عدد من المرشحين الجدد عن نيتهم في خوض تلك الانتخابات، لينافسوا العديد من المرشحين القدامى والنواب السابقين، على المقعدين المتوقع خلوهما قريباً.
لذلك قررت أن أخصص هذا المقال لتوجيه مناشدة إلى الناخبين، الذين سيشاركون في تلك الانتخابات التكميلية، والانتخابات العامة اللاحقة لها، بحسن الاختيار والتصويت، من خلال التحقق من واقع المرشحين، والتمحيص في تاريخهم السياسي وسيرهم الذاتية، خصوصاً المتعلقة بالمرحلة السابقة لانعقاد النية لديهم بخوض الانتخابات، أي قبل التنكّر والتجمّل بالقناع الانتخابي.
أهمية حسن اختيار أعضاء مجلس الأمة تنبع من العلاقة الوطيدة بين تشكيلة مجلس الأمة، وبين تنفيذ خطط التنمية الوطنية الاستراتيجية، فهي مقاربة للعلاقة بين تشكيلة الرياح «من حيث القوة والاتجاه»، وبين قيادة السفن الشراعية. فلننتخب أعضاء أكفاء، مدركين وقادرين على أداء دورهم المحوري، بتعاون متزن دستورياً مع السلطتين الآخرتين. فلننتخب تشكيلة تبحر بسفينة الكويت بأمان وثبات نحو «كويت جديدة». ولنحذر من عودة تشكيلات أعاقت مسيرة سفينتنا، وحرّفت وجهتها، وهدّدت سلامتها وسلامة ركابها، وأفقدتها الكثير مما كانت تحمله من خيرات.


سأكتفي هنا بتقييم المرشحين، لأن تقييم النواب مهمة أسهل بكثير، نظرا لتوافر المعلومات عنهم على شبكة الانترنت، كتلك المتاحة في نظام المعلومات البرلمانية التابع لمجلس الامة.
من خلال متابعتي لنشاط العديد من النشطاء، السياسيين وغير السياسيين، الذين أعلنوا لاحقاً عن نيتهم خوض انتخابات مجلس الأمة؛ وبناء على حصيلة اطلاعاتي على مواقفهم وتصريحاتهم السابقة، تبين لي أن الفوارق بينهم شاسعة، وتكاد أن تصل إلى درجة التناقض من حيث الدوافع.
ففي جانب، نجد من قرر الترشح لعضوية المجلس، لأن نشاطه المعهود لم يعد يجلب له المزيد من المصالح والمكاسب، فقرر أن يرتقي في نشاطه. وفي الجانب المقابل، نجد من اضطر للترشح لأن جميع أبواب الإصلاح التي طرقها وجدها موصدة، فقرر أن يكون هو باباً للإصلاح. ولا بد من الإشارة إلى أنني، ورغم تقديري لمصداقية وشفافية المرشحين من الفئة الثانية، إلا أنني أختلف بشدة مع بعضهم، في قراءاتهم ومنهجيتهم. المراد، هناك الكثير من المرشحين الراغبين بنصيب أكبر من كيكة الفساد، ويقابلهم عدد من المرشحين المبدئيين الساعين للإصلاح.
لست باحثا في التاريخ، ولكن جميع الإصلاحيين الذين تصدوا للسلطة الفاسدة في زمانهم، أعلم أنهم عانوا من ظلم عُلية قومهم وجور أصحاب السلطة. بل إن من بينهم من عانى من أذى المظلومين الذين سعى في رفع الظلم عنهم. لذلك يصعب عليّ أن أتقبل مزاعم الإصلاح الصادرة من مرشّح ناصر بقوة وذاد بشدة عن مسؤول سابق، أحيل لاحقا إلى النيابة في قضايا فساد مالي. وفي المقابل لا أستطيع أن أمنع نفسي عن التعاطف مع مرشّح حورب في رزقه.
لا أملك فراسة الاطلاع على ما في قلوب الناس، ولكن دعاة حرية التعبير وإبداء الرأي الذين أجلهم، أعلم أنهم تحملوا تجاسر خصومهم عليهم. بل إن من بينهم من تسامح مع من شارك في الحملات المنظمة لتشويههم وتجريحهم وسبهم وقذفهم.
لذلك يصعب عليّ أن أصدّق ادعاءات تبني حرية إبداء الرأي من مرشّح يتطاول على منتقديه الموضوعيين، ويجرهم بالحوار إلى حفيرة مخالفة القانون، ليقاضيهم ويسلب منهم غرامة مالية، وتباعاً يحصّن نفسه وماضيه من النقد الموضوعي. وفي المقابل لا أملك أن أوقف تعاطفي مع مرشّح سجن على خلفية تغريدة ناصر فيها أصحاب حق.
لا أحتفظ بكرة بلورية تعرض لي ماضي ومستقبل الناس، ولكن المطالبين بسيادة القانون واحترام القضاء، أعلم أنهم يلتزمون بمنظومة القضاء قبل أن يطالبوا غيرهم. لذلك يصعب عليّ أن أثق بشعارات احترام سيادة القانون الصادرة من مرشّح يدين متهمين قبل أن تدينهم المحكمة بحكم بات.
بل إن من بين هؤلاء المرشّحين من أصدر بياناً أدان فيه متهمين، قبل استكمال التحقيق معهم. وفي المقابل لا أقوى على صد تعاطفي مع سياسي تعرض لهجوم كاسح لإصراره على رفض إدانة متهمين قبل محاكمتهم.
معظم المرشحين يسحرونك بخطاباتهم وشعاراتهم الجميلة. ولكن الكثير منهم ينقلب رأيك فيه بعد انكشاف معدنهم وتاريخهم. وفي مقابلهم قلّة يزداد اعجابك بهم ويتضاعف ارتباطك بمنهجيتهم الاصلاحية، مع مرور الأيام وتوالي الأحداث والمواقف. احذر من المرشحين المقنعين وإن كانوا مقنعين، وساند الإصلاحيين الحقيقيين وإن كانوا مهجورين... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي