No Script

أصبوحة

نعيش أزمة أخلاقية

تصغير
تكبير

الوطن ينجو من الأزمات والمآسي والكوارث، فتاريخ الكويت الحديث يتحدث عن مآسي التفجيرات أثناء الحرب العراقية - الإيرانية، والتدخل والابتزاز من الجار. وكذلك عبر الوطن بسلام بعد أزمة اختطاف طائرة «الجابرية»، ونجا الوطن من أسوأ كارثة مرت بتاريخه، وهي كارثة الغزو والاحتلال عام 1990.
ولكن الوطن لن ينجو إطلاقاً من الأزمة الأخلاقية، التي بدأت تغدو ظاهرة تنهش في قيم مجتمعنا، فالأزمات الأخلاقية في المجتمعات الإنسانية استثنائية، لكنها أصبحت أشبه بالإثم اللذيذ والواجب المحرم في مجتمعنا، بالأخص عند الكبار القدوة، من مسؤولين وسياسيين ومشرعين.
والأزمة الأخلاقية تقود إلى الكوارث والمآسي وضياع قوة المجتمع، فالمجتمعات تضمحل وتتلاشى وتهلك، إذا ما انهارت القيم فيه، ونخر في أساساته دود الفساد وتدني الأخلاق، وأصبح سوء الخلق هو الثقافة السائدة، وتكون النزاهة والقيم الأخلاقية محط سخرية وتندر، وتنتشر الخرافة ويعلو صوت رجل الدين الذي يزيف الحقائق والدين الصحيح من أجل مصلحة سياسية.


تدني الأخلاق يبدأ بتجاوز طابور، وشرعنة الغش في المدارس، وفقدان أخلاق القيادة في الشوارع، ومخالفة أبسط القوانين، واستغلال المناصب ومواقع النفوذ، والتعيين للمناصب من أجل حسابات سياسية وانتخابية، واستباحة المال العام وتنفيع القلة المتنفذة من خلال المناقصات، وسرقة أموال مشروعات البلد، وإخماد صوت الحق والرأي الحر، ومحاربة الإبداع والثقافة الرفيعة، والادعاء بحماية تقاليد وعادات زائفة ليست لنا، حتى لم نعد نعرف تقاليدنا وعاداتنا الأصيلة.
الأزمة الأخلاقية هي أزمة نَفْس وتجميد الضمير، لمصلحة الذات المستفيدة، هي النفاق والتزييف وسرقة التاريخ والأفكار، هي التصديق بأننا على حق ونحن على باطل، هي الذات المتضخمة على حساب المجموع والحقيقة، هي إعطاء شخص لا يستحق لأننا فقط نحبه، هي الشذوذ عن القيم الإنسانية المتعارف عليها، هي الارتهان لبلد آخر وخيانة الوطن، وهي عدم قدرة اللسان على قول الحق، هي بالتعسف في تطبيق القوانين، وهي الاستهانة بالتاريخ والتعويل على النسيان.
عندما تنحط الأخلاق وتتدهور، تنحط المجتمعات والأمم، عندها يصبح الظالم محقاً والمحق مخطئاً، وعندما تنهار الأخلاق ينهار معها التعليم والتربية، وتصبح الأسر بؤر فساد تعلم أبناءها الكذب والحيلة والتزوير.

osbohatw@gmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي