No Script

كانت ثالث مدرسة نظامية في الكويت

مدرسة السعادة للأيتام... أسسها شملان بن علي آل سيف سنة 1924

تصغير
تكبير
هذه بعض من مسيرة المدرسة العظيمة التي شيدها المفضال المحسن شملان بن علي، نقف على حيثيات تأسيسها والوقت الذي كانت به شاهقة ونتطرق إلى الكثير من جوانبها العلمية وكما نلقي الضوء على مناهجها العلمية والمواد التي كانت تدرس والمدرسين الذين ساهموا في العلم بها كل ذلك نقتبسه من كتاب الدكتور خالد الشطي الذي أرَّخ قصة هذه المدرسة المباركة فلنتعرف عليها:



كان التعليم في الكويت في مطلع القرين العشرين محصورا في مجموعة من كتاتيب ودور تحفيظ القرآن الكريم.

وفي عام 1910م بدأت فكرة انشاء مدارس نظامية، كان اولها المدرسة المباركية التي افتتحت ابوابها في الاول من محرم سنة 1330هـ الموافق الثاني من ديسمبر 1911م.

واستمرت المدرسة المباركية تؤدي دورها على أكمل وجه، مع الكتاتيب الموجودة آنذاك، وفي بداية العشرينات وبالتحديد عام 1921م الموافق مطلع عام 1340 هـ، افتتحت المدرسة الاحمدية وهي ثاني مدرسة نظامية في الكويت، وفي عام 1924م تأسست ثالث مدرسة نظامية هي مدرسة السعادة للأيتام، وقد استمرت هذه المدارس النظامية مع الكتاتيب الموجودة في الكويت، وكان عددها آنذاك «لا يقل عن سبع عشرة مدرسة للذكور ونحو ثماني مدارس للاناث»، تواصل جهودها التعليمية لتعليم ابناء الكويت، وفي عام 1936م أنشأت الدولة دائرة المعارف لتصبح الجهة الحكومية المسؤولة عن التعليم في الكويت، وذلك بمبادرة من رجالات الكويت الذين اقترحوا زيادة الضريبة الجمركية على التجارة بنسبة 0.5 في المئة خصصت للتعليم، وبذلك اصبحت الضريبة الاجمالية التي يدفعها تجار الكويت 4.5 في المئة تصرف على تنمية وتطوير وأمن البلاد.

وفي عام 1936م بدأ التعليم مرحلة جديدة، فافتتحت المدارس النظامية التي تصرف عليها الدولة.



السعادة

اسس شملان بن علي مدرسة السعادة للأيتام في عام 1343هـ الموافق 1924م.

وكان شملان بن علي رحمه الله واصلا لرحمه محبا لاهل بيته، ولما اراد تسمية هذه المدرسة سماها مدرسة سعيدة او المدرسة السعيدة للأيتام، برا بأخته التي كان يحبها كثيرا وكان اسمها سعيدة، وبعدها غير اسم المدرسة لتحمل معنى السعادة وهو معنى قريب من اسم اخته فسماها مدرسة السعادة للأيتام.



أسباب

كان لتأسيس هذه المدرسة أسباب عدة أهمها:

أن شملان بن علي كان من اكثر الناس حرصا وحبا للتعليم وهناك العديد من الايتام والفقراء الذين لا يجدون المال الكافي لدفع الرسوم الدراسية في المدارس الاهلية ولم يكن في الكويت في ذلك التاريخ الا مدرستان نظاميتان وهما المدرسة المباركية والمدرسة الأحمدية وهاتان المدرستان لاتكفيان لاستيعاب ابناء الكويت الراغبين في التعليم، ورغبة شملان بن علي في تعليم ابنائه وبعض ابناء عائلية، حيث كانت هذه المدرسة مكانا مناسبا لتعليمهم فيها، وكان شملان بن علي ينظر يوميا إلى الايتام والفقراء والمكفوفين الذين يدرسون في غرفة من غرف عمارته، والتي تبرع بها لتكون مدرسة للشيخ عيسى الجيران، يدرس فيها هؤلاء الفقراء الايتام تطوعا، وكان موقع هذه العمارة بالقرب من مبنى وزارة الصحة القديمة، وربما اراد شملان بن علي بناء مدرسة كبيرة تستوعب اعداد الطلبة الايتام والفقراء.



مقر المدرسة

تطل المدرسة على البحر مباشرة، في الحي الشرقي بدولة الكويت في فريج ابن خميس، وتقع حاليا في الجهة الغربية من وزارة الصحة، وهي عبارة عن طابقين، في الدور الاول عدد (4) غرف وممرات وهو مخصص للطلاب الصغار، وفي الدور الثاني غرفتان وسطح كبير يجلس فيه الطلاب وينظرون إلى البحر وهو مخصص للطلاب الكبار، وبجانب المدرسة مسجد ابن خميس، الذي يقع في فريج ابن خميس.



افتتاحها

افتتح المحسن شملان بن علي مدرسة السعادة في عام 1343هـ - 1924م، وعمل لافتتاحها حفلة كبيرة حضرها العديد من رجالات الكويت وعلمائها وابنائها، وانشدوا في الافتتاح العديد من القصائد والقوا فيها الكلمات، شاكرين لشملان بن علي صنيعه الحسن في افتتاح هذه المدرسة.

وقد القى الشيخ عبدالله الخلف الدحيان عالم الكويت وقاضيها قصيدة في يوم الافتتاح اثنى فيها على شملان بن علي وأرّخ فيها سنة تأسيسا لمدرسة في آخر بيت يقول فيه:

وإن رمت تاريخا فهاك مؤرخا

ألا إن خير البر ما كان عاجلا

كما امتدح الشيخ يوسف بن عيسى القناعي شملان بن علي على بنائه للمدرسة فقال:

أيا من شاد للأيتام دارا

حباك الله مجدا واعتبارا

وأولاك الجليل جليل فضل

يشيد به من العليا منارا

وأسكنك الجنان جنان عدن

تحل برحبها دارا فدارا

لئن شيدت للأيتام دارا

أضاء العلم فيها واستنارا

فكم واليت معروفا لراج

بنيل لا يقاس ولا يجارى

وكم لك في الجميل جميل ذكر

يؤم بنا إذا ما المجد سارا

ودارك للضيوف لخير دار

تناديهم بترحيب جهارا

وبيتك في البيوت أجل بيت

سما فضلا وجودا واعتبارا

فيا (شملان بن علي) يا ريف اليتامى

وملجا البائسات من العذارى

أزف إليك شكرا مستديما

مدى ما لاح بدر أو توارى

وأتحفك الثناء ثناء صدق

أراك له محلاً بل قرارا

فواصل حسن سيرك باجتهاد

تنل ذكرا حميدا وافتخارا

فدم يا بدر للأيتام نورا

وسورا حاط مجدا واستدارا



طلابها

عند افتتاح مدرسة السعادة للايتام كان عدد طلابها ما يقارب اربعين طالبا، وكان معظمهم من الايتام الذين تم ادخالهم المدرسة وذلك من المدرسة المباركية والمدرسة الأحمدية والكتاتيب الموجودة في الكويت، وكانوا في أربعة فصول.

بلغ عدد طلاب مدرسة السعادة للايتام ما يقارب مئتين وخمسين طالبا، يقارب ثلثهم من الايتام والفقراء وعدد منهم من ابناء عائلة الشملان بن علي والعدد الآخر من ابناء التجار والمقتدرين.

وكان جميع هؤلاء الطلاب الدارسين في المدرسة لا يدفعون رسوما نظير دراستهم فيها، بل كان تعليمهم جميعهم فيها بالمجان، من خلال صرف شملان بن علي عليها بل كان شملان بن علي يعطي الطلاب الفقراء والايتام ملابس لكسوة الصيف وكسوة الشتاء، كما كان يعيطهم المواد الغذائية شهريا.



المدير

اختار شملان بن علي الشيخ أحمد الخميس ليكون ناظرا «براتب قدره مئة روبية شهريا» للمدرسة ومديرا لها، وطلب اليه ان يختار مدرسين لديهم الخبرة والكفاءة لتعليم الابناء، واستطاع الشيخ أحمد الخميس ان يتفق مع مجموعة من ابناء الكويت وعلمائها وعدد من العلماء الذين زاروا الكويت للتدريس في هذه المدرسة. «وقد كان مدرسا في المدرسة ايضا يدرس الطلاب الكبار حيث تم تقسيم الطلاب إلى قسمين فصول فيها طلاب كبار في السن وفصول اخرى بها الطلاب الصغار، بالاضافة إلى اشرافه على المدرسة، وكان يحمل العصا ويطوف على الفصول يتفقد الطلاب ويشرف على المدرسة، وكان الشيخ احمد الخميس يدرس في فصل الكبار ويشرح في الفصل ويكتب بالطباشير على اللوح».



المنهج

تم تدريس الفقه المالكي في مدرسة السعادة بعد زيارة الشيخ محمد الخضري للكويت وللمدرسة واقتراحه ذلك كما كان يدرس فيها الشيخ محمد هلال الازهري مبادئ علوم الاعمال اليدوية كالصابون والشمع والكبريت والمساحيق، وقد تم ذكر بعض المناهج في المدرسة في احد الاحتفالات التي اقيمت في المدرسة، وكان الشيخ عبدالوهاب بن عبدالرحمن الفارس يعلم الطلاب الخط العربي.



المدرسون

ضمت مدرسة السعادة للايتام عددا من المدرسين الذين اختارهم الشيخ احمد الخميس للتدريس فيها، وقد ورد في كتاب قاموس الشخصيات الكويتية بان عددهم ثمانية، وبعد الاطلاع على الوثائق والمراجع فقد بلغ عدد المدرسين اكثر من ذلك فقد تعاقب على التدريس في المدرسة عدد من المدرسين خلال سنوات التدريس فيها، كما استدعى شملان بن علي عددا من المدرسين من كوهج للتدريس في مدرسة السعادة.



احتفالات

ذاع الحديث عن مدرسة السعادة في الكويت، وفي ارجاء العالم العربي والاسلامي، فأرسل العديد من رجالات العلم والوجهاء رسائل شكر وثناء لشملان بن علي لقيامه ببناء المدرسة وصرف عليها من ماله الخاص.

منهم الشيخ عبدالوهاب الزياني، الذي كان يقيم في بومبي بالهند، ومما قاله في خطابه (وأحمد الله الذي وفقك واختارك قدوة وأول مؤسس ومعتن بحقوق الايتام المضاعين فأقدم بين يديك مزيد التشكرات، وعميم التهنئات وخالص الدعوات)... واستطاعت هذه المدرسة ان تنتزع اعجاب كثير من اهل العلم، في الكويت وفي البلاد العربية المجاورة. وقد قامت المدرسة بعدة احتفالات وذلك للالتقاء بأولياء امور الطلاب لمعرفة وضع ابنائهم الدراسي، ويذكر النوخذة يعقوب خلف اليتامى، بأنه ألقى في احد الاحتفالات قصيدة للشاعر زيد الحرب وعدد ابياتها ثمانون بيتا، وكان يحفظها.



المصاريف

تبرع شملان بن علي ببناء مدرسة السعادة للأيتام من امواله الخاصة، كما قام بالصرف على كل احتياجات المدرسة بنفسه، يقول الشيخ عبدالعزيز الرشيد: أسسها الحاج المكرم المفضال شملان بن علي آل سيف سنة 1343هـ في الحي الشرقي لأولاده وأولاد أقاربه ولثلة من الايتام الفقراء وقد قام هذا الكريم بتأسيسها وبما تحتاج اليه من نفقة بنفسه وصمم ان يسير بها وحده ولو لم يعاضده في شأنها أحد. «فرواتب المدرسين، واحتياجات المدرسة، وكسوة الطلاب الايتام والفقراء صيفا وشتاء، ومؤنتهم صيفا وشتاء على نفقة المحسن شملان بن علي رحمه الله».

وقد اوقف شملان بن علي اوقافا خيرية للصرف على رواتب المدرسين، ومما يؤكد ذلك الرسالة التي بعثها الشيخ احمد الخميس لشملان بن علي بخصوص المدرس محمد هلال الازهري بان ريع الوقف لا يكفي لراتبه.

وقد ذكر الشيخ عبدالعزيز الرشيد بان شملان بن علي خصص احدى سفنه التجارية ليصرف من ارباحها على المدرسة، واستمر شملان بن علي في الصرف على المدرسة حتى ضاقت حالته المادية وخسر تجارته، واضطر إلى اغلاق المدرسة بعد سنوات من عطائه وبذله.

كما كان شملان بن علي يشتري الكتب الدراسية والدينية لتوزيعها على الطلاب مجانا، وفيما يلي قصيدة للسيد محمد الرشيد البدر، يثني فيها على شملان بن علي ال سيف بمناسبة اهداء الاخير الكتب الدراسية والدينية للطلاب.

حمدا لمن كانت التقوى بضاعته

يرجي مقاما من خير الأنام الأفضل

نحسدك ونشكرك على أفعالك لنا

مع تطريشك الكتب مع الأخ صقر الافضل

فاسمك عزيز اليوم في كل موضع

فانك الجد علي ابن شملان بن علي وضع

وقد أفدتنا بالكتب التي تنقع

ونثني عليك حمدا من الكريم الافضل

يا فوز من صلى عليه فانه

يحوي الأماني بالنعيم السرمدي



الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي