No Script

الاقتصاد والقانون

قراءة قانونية في شطب الشركات

تصغير
تكبير
تفاجأ العديد من الشركات الكويتية بصدور قرار وزارة التجارة والصناعة بإلغاء الترخيص التجاري الصادر لها، على أساس من أن هذه الشركات لم تتقدم بموازنتها السنوية لسنوات عدة ولم تجدد تراخيصها التجارية، وقد استند القرار حسبما ظهر في ديباجته إلى كل من قانون الشركات التجارية وقانون تراخيص المحلات التجارية وقانون التجارة وعلى قرارات صادرة سابقة في ذات الموضوع.

وقد نص هذا القرار والموسوم برقم 515 لسنة 2012 في شأن إلغاء تراخيص بعض الشركات التجارية المتأخرة في تقديم بياناتها المالية والمنتهية تراخيصها في مادته الأولى:

«تلغى تراخيص الشركات التجارية (المجموعة الثانية) الواردة أسماؤها بالكشف المرفق بهذا القرار وذلك لعدم تقديمها لبياناتها المالية لعدة سنوات سابقة ولعدم تجديدها لتراخيصها التجارية».

وبدراسة هذا القرار من الناحية القانونية ومدى مشروعيته من عدمه، فإننا سنتعرض للأحكام الواردة في القوانين التي استند إليها هذا القرار.

أما ما يتعلق بقانون الشركات التجارية فإن هذا القانون لا يعرف ما يسمى بإلغاء الترخيص التجاري، كما انه لا يرتب لوزارة التجارة الحق في إلغاء الترخيص في حال لم تتقدم الشركة بموازناتها المالية لعدة سنوات، وآية ذلك نصوص قانون الشركات التجارية حيث نصت المادة 170 من قانون الشركات التجارية على انه «تنقضي الشركة التجارية المساهمة بأحد الأمور الآتية:

1- انقضاء المدة التي حددت للشركة.

2- انتهاء العمل الذي قامت الشركة من أجله.

3- شهر إفلاس الشركة.

4- حل الشركة وفقا لأحكام القانون.

5- حكم قضائي يصدر بحل الشركة».

هذه هي الأسباب التي تؤدي إلى انقضاء الشركة المساهمة والمساهمة المقفلة.

أما ما يتعلق بأنواع الشركات التجارية الأخرى فان أسباب انقضائها وردت في القانون على الوجه التالي:

تنقضي شركات التضامن بأحد الأمور الآتية (المادة 24 شركات)

1- انقضاء المدة التي حددت للشركة.

2- انتهاء العمل الذي قامت الشركة من أجله.

3- ضياع جميع أموال الشركة....

4- شهر إفلاس الشركة.

5- الحجر على احد الشركاء أو شهر إفلاسه.

6- إجماع الشركاء على حل الشركة.

7- حكم قضائي يصدر بحل الشركة.

كما تنقضي شركة التوصية بالأسهم بموت الشريك الذي يعهد إليه بالإدارة. ( المادة 55).

ومن ذلك يتبين بما لا يدع مجالا للشك أن هناك أسبابا محددة تنقضي بها الشركة التجارية ولا يوجد من بين الأسباب - المقررة في القانون- ما يشير إليه القرار الإداري بإلغاء الترخيص التجاري بسبب عدم تقديم الشركات لبياناتها المالية.

حيث انه من المقرر قانونا انه ليس هناك أي سلطة لوزارة التجارة على الشركات التجارية وخاصة الشركات المساهمة بنوعيها المساهمة العامة والمساهمة المقفلة إلا الرقابة على مدى سلامة تطبيقها للقانون ولنظامها الأساسي، حيث أن لوزارة التجارة في حال ما إذا خالفت الشركة أحكام القانون ونظامها الأساسي، ووفقا لنص المادة (178 شركات )، والتي تقضي بانه في حال مخالفة الشركة لأحكام القانون ونظامها الأساسي فانه يجوز للدائرة الحكومية وهي وزارة التجارة أن تقدم للجمعية العامة تقريرا بذلك، ولها أن تدعو الجمعية العامة للاجتماع للنظر في هذا التقرير. ولا يوجد نص في القانون يذهب إلى أحقية الوزارة في إلغاء الترخيص التجاري بسبب عدم تقديم الشركة لموازناتها عن سنوات سابقة.

أما ما يتعلق بالسبب الآخر الذي استند إليه القرار، وهو عدم تجديد الشركة لتراخيصها التجارية، فانه لا يخفى أن الشركة التجارية أيا كان نوعها لابد لها قبل مزاولة نشاطها التجاري أن تتقدم لوزارة التجارة للحصول على الرخصة التجارية، وذلك وفقا لنص المادة الأولى من قانون تنظيم تراخيص المحلات التجارية رقم 69/32 وتعديلاته والتي يجري نصها على انه «لا يجوز فتح أو تملك أية منشأة أو مكتب بقصد الاشتغال أو مزاولة مهنة أو حرفة إلا بعد الحصول على ترخيص في هذا الشأن من وزارة التجارة والصناعة»، وهذا النص يعطي لوزارة التجارة حق الرقابة المسبقة على مدى جدية المؤسسة أو الشركة في القيام بمزاولة عملها التجاري ولذلك أعطاها المشرع الحق في التأكد والتحقق من عدم مخالفة عقد الشركة ونظامها الأساسي للقوانين الكويتية والنظام العام والآداب العامة، كما تتأكد من جدية مساهمة الشريك الكويتي فيها منعا للصورية والتحايل على القانون كما لها أيضا أن تقوم بدراسة الجدوى الاقتصادية لمشروع الشركة قبل البت في طلب الترخيص (يراجع في ذلك د. طعمه الشمري في كتابه الوسيط في دراسة قانون الشركات التجارية - بتصرف).

إلا أن هذه الرقابة هي رقابة مسبقة- كما أشرنا- ولذلك فان للوزارة الحق في رفض طلب الترخيص وللمتقدم بطلب الرخصة الحق في التظلم خلال شهر من إبلاغه برفض طلبه.

أما الأسباب التي يتم فيها إلغاء الترخيص وفقا لقانون التراخيص التجارية المذكور أعلاه والتي جاءت على سبيل الحصر، فقد ورد ذكرها في المادة 114 من القانون، وليس من بين هذه الأسباب أيا من السببين المذكورين في القرار الإداري سالف الإشارة إليه، وان كان القانون منح وزير التجارة إلغاء الترخيص وفقا لما يراه وفق المصالح الاقتصادية أو التجارية للبلاد بعد إخطار صاحب الترخيص بمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر( الفقرة 5 من المادة 14 من القانون)، ولو أن القرار الإداري اكتفى بهذا السبب لما زايلته المشروعية.

وحيث ان الترخيص وفقا لقانون التراخيص التجارية يُمنح لممارسة العمل التجاري أي الترخيص للمحلات التجارية أو المقر الإداري التي تزاول فيه الشركة أعمالها التجارية، ومن ثم فانه يثور التساؤل حول أثر هذا القرار على بقاء الشركة؟ هل سيؤدي هذا الإلغاء بالضرورة إلى إلغاء الشركة أي زوالها وإنهائها بما يعني انقضاءها؟ أم أن إلغاء الترخيص يعني وقف مزاولة الشركة لأعمالها التجارية، إلا أن الشركة تعتبر قائمة ولكنها موقوفة عن ممارسة الأعمال التجارية حتى تصحح أوضاعها أو تتم تصفيتها؟! كل هذا سيثير العديد من الإشكالات القانونية خصوصاً في ما يتعلق بأحكام الشركات المساهمة؟!

ولا يخفى أن القاعدة العامة في القرار الإداري أن الإدارة غير ملزمة بالإفصاح عن السبب في اتخاذها لقرارها إلا إذا ألزمها القانون بذكر الأسباب، وحينئذ يصبح التسبيب شكليا في القرار الإداري.

وإذا كان الأصل أن الجهة الحكومية غير ملزمة بالإفصاح عن سبب قرارها إلا أنها إذا تطوعت وذكرت أسبابا لقرارها ففي هذه الحالة يخضع السبب لرقابة القضاء الإداري من حيث صحة السبب ومدى مطابقته للقانون، فإذا استبان أنها غير صحيحة واقعيا أو أنها تنطوي على مخالفة للقانون أو على خطأ في تطبيق القانون أو تأويله أو على إساءة استعمال السلطة كان القرار معيبا حقيقا بالإلغاء لانعدام الأساس الذي يجب أن يقوم عليه أو لفساده (انظر إلى العديد من المبادئ المستقرة في القضاء الإداري).

ومن حيث أنه لما كان ذلك وقد أثبتنا سالفا أنه لا يوجد في القانون سبب مما استند عليه القرار الإداري سالف الذكر، فان هذا القرار يكون مخالفا للقانون ومن ثم فانه لا يعول عليه، ولأي شركة الحق في أن تطعن عليه بالبطلان.

أما من حيث ما نشرته الوزارة في ما يتعلق بتحديد فترة للتظلم من القرار الصادر بإلغاء الترخيص، فانه أيضا لا يوجد في القانون تحديدا لمدة معينة للتظلم من مثل هذه القرارات، ومن ثم فانه يسري عليها القواعد العامة في التظلم من القرارات الإدارية النهائية الصادرة من جهة الإدارة، وفي الحالة المعروضة فان التظلم لدى الجهة مصدرة القرار أو الجهات الرئاسية برأيي هو تظلم جوازي وليس وجوبي، فللمتضرر إما أن يلتجئ إلى طريق التظلم قبل فوات ستين يوما من صدور القرار وينتظر رد الجهة الإدارية ومن ثم يرفع الدعوى الإدارية ببطلان القرار الإداري إذا لم تستجب الإدارة لتظلمه، وإما يتجه مباشرة خلال الستين يوما من تاريخ نشر القرار أو إعلانه به إلى القضاء بدعوى طلب بطلان القرار الإداري وله الحق أيضا في المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي أصابته من جراء صدور القرار.

وأخيرا نأمل من الجهة الإدارية مراجعة مشروعية قرارها وسحبه قبل لجوء العديد من الشركات إلى القضاء للطعن على هذا القرار.



* المستشار القانوني في مجموعة الياقوت القانونية
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي