No Script

ارتطمت ببرج سكني قيد الإنشاء ثمن الشقة فيه 50 مليون جنيه

مقتل اثنين وجرح تسعة في تحطم مروحية فوق لندن

تصغير
تكبير
|لندن - من إلياس نصرالله|

اصطدمت طائرة مروحية صباح أمس برافعة آلية منصوبة في موقع لبناء برج سكني جديد في حي فوكسهول القريب من وسط لندن على الضفة الجنوبية لنهر التايمز فسقطت وتحطمت وأشعلت حريقاً هائلاً في محيط المكان الذي حصلت فيه بسبب انتشار وقود الطائرة على مساحة كبيرة في الموقع، ما أسفر عن مقتل اثنين، أحدهما قبطان الطائرة، وجرح تسعة آخرين واحداث أضرار بالغة في الممتلكات. وقال رئيس الوزراء ديفيد كاميرون أمس "بعد هذا الحادث ينبغي اعادة النظر في نظام عمل المروحيات فوق وسط لندن"، مؤكداً في الوقت نفسه النظر في مرور الرحلات الجوية عامة في سماء العاصمة البريطانية.

ونفت الشرطة البريطانية أمس أن يكون الحادث ناتجاً عن عمل ارهابي، ويُعتقد أن صوت الانفجار الذي سمع في المنطقة نتج عن انفجار خزان الوقود التابع للطائرة وربما خزانات وقود لسيارت كانت تقف في المكان فاشتعلت فيها النيران نتيجة سقوط الطائرة. يشار الى أن الحادث حصل على مقربة من مبنى جهاز الاستخبارات الخارجي (ام آي 6) الكائن في حي فوكسهول وعلى مقربة من سوق الخضار المركزي للندن الذي يشهد حركة كثيفة يومياً في ساعات الصباح الأولى.

فيما أجمع الخبراء على أنه مجرد حادث عادي، ربما لعب دوراً فيه الضباب الكثيف الذي خيّم فوق لندن صباح أمس وظروف الطقس الشديدة التي أثرت على وضوح الرؤية. وأشار البعض بأصابع الاتهام للأبنية الشاهقة، التي بدأت تنتشر في العاصمة البريطانية خاصة في المناطق القريبة من مركز المدينة، بأنها السبب في حصول الحادث.

يُشار الى أن الرافعة التي اصطدمت الطائرة بها تعمل ضمن مشروع لبناء برج سكني يتألف من 22 طابقاً يُطلق عليه اسم "ذي تاوار"، أي البرج، في حي فوكسهول على ضفة النهر، حيث طرحت احدى الشقق الفاخرة في البرج منذ فترة قصيرة للبيع بخمسين مليون جنيه استرلينية وذلك قبل أن ينتهي بناؤه.

الحادث حصل في الوقت الذي بدأ سكان لندن يتذمرون من كثافة حركة السير الجوي بالمروحيات في سماء المدينة والتي ازدادت في السنوات الأخيرة على نحو ملحوظ. فضخامة لندن وكثافة السكان فيها (حوالي 13 مليون نسمة) وضيق الطرق فيها، هي سبب مباشر في زيادة الاعتماد على المروحيات للتنقل في المدينة. اذ أن وسط لندن يحتوي على عصب الحياة في بريطانيا ويضم المقرات الرسمية للحكومة بمختلف وزاراتها والسلطات التابعة لها، بالاضافة للبرلمان وقصر باكنغهام الملكي، ثم حي سيتي للمال والأعمال الذي يعتبر مركزاً مالياً ليس فقط لبريطانيا، بل للعالم أجمع، علاوة على المراكز التجارية الضخمة المنتشرة في المدينة كلها. فكل ذلك نشأ بعد أن أصبح وسط لندن منطقة مأهولة قبل أكثر من 200 عام. أي أن التطور الذي حصل في بريطانيا خلال هذه الفترة لم يتمكن من احداث تغيير في البنية الأساسية للمدينة التي نشأت في العصور الوسطى، بطرق معدة لوسائل النقل البدائية والعربات التي تجرها الخيول.

ورغم دخول البلد في عصر السرعة ظلت هذه الطرق على ما هي، مما اضطر أصحاب المصالح الكبيرة لاستخدام وسائل النقل السريعة مثل المروحيات للتنقل بين أطراف المدينة أو الوصول اليها. ونشأت داخل لندن مطارات خاصة للمروحيات يمكن لأي شخص أن يستعين بخدماتها للتنقل بين أطراف المدينة، ومنها مطار أو مهبط في حديقة باترسي القريبة من حي فوكسهول. فأحدث هذا الأمر كثافة في حركة المروحيات بالذات في سماء المدينة. فجميع المستشفيات الرئيسية في وسط لندن أصبحت مجهزة بمهابط للمروحيات لاستخدامها في حالات الطوارئ. بل بدأ الكثير من أصحاب الأبنية الضخمة التي تشيد في لندن يقومون بتجهيز أبنيتهم بأماكن لهبوط المروحيات فوق سطوحها.

ويقول خبراء طيران أنه من الصعب تحديد ما حصل مع قبطان المروحية، اذ ان التعليمات التي تعمل بموجبها المروحيات تحظر اقترابها من الأبنية والأبراج وعليها أن تبقى بعيدة عنها مسافة لا تقل عن 500 متر. ويجري التحقيق حالياً لمعرفة السبب الحقيقي لاقتراب المروحية من البرج. وذكرت مصادر رسمية أن التعليمات الخاصة بالمروحيات تحظر على المروحيات التي تعمل بمحرك واحد من المرور أو التنقل في لندن الا فوق نهر التايمز (مما خلق كثافة عالية في حركة المروحيات فوق النهر)، وذلك لأسباب تتعلق بالأمن والسلامة العامة، اذ في حال وقوع حادث يكون سقوط المروحية في النهر بدلاً من أن تتحطم في الأماكن المأهولة بالسكان.

وقال شاهد العيان على الحادث مايكل كرومستيت انه كان متجهاً في بعد الثامنة بقليل مع صديقه الى العمل، فشاهد المروحية عندما اصطدمت بالرافعة وبدأت تحوم قليلاً فوقهما قبل أن تسقط على بعد أقدام منهما. وأضاف، أنه أصيب وصديقه برعب شديد وكان من الصعب أن يقررا في أي اتجاه عليهما أن يهربا، ولم يكن أمامها متسع من الوقت للتفكير، وفقط بأعجوبة لم يُصابا بأذى جراء سقوط المروحية. فيما قالت سارة كايسي التي تقيم في شقة قريبة من مكان الحادث انها سمعت صوت انفجار هائل وظنت أن هزة أرضية قد وقعت.

واضطرت الشرطة التي هرعت الى مكان الحادث لاغلاق عدد من الطرق، الأمر الذي أثر على حركة السير في اتجاهات عديدة من لندن، التي تشهد يومياً زحمة سير غير عادية، حتى من دون أن يكون هناك أي حادث. وشوهدت طوابير طويلة من السيارات التي كانت متجهة نحو لندن على الطرق الرئيسية في جنوب غربي المدينة. كما تأثرت حركة القطارات، بسبب اغلاق محطة قطارات فوكسهول القريبة من مكان الحادث والتي تعتبر احدى المحطات الرئيسية التي تخدم قطاعاً واسعاً من العاملين في المدينة، علاوة على أن خطوطاً باتجاهات مختلفة تتفرع من المحطة، مما يجعلها أشبه بمحطة مركزية.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي