No Script

رأي مالي / مستثمرو الأسهم... وعدم الاعتماد على البنوك المركزية

تصغير
تكبير
تتمثل المهمة الرئيسية لمعظم البنوك المركزية حول العالم، في استخدام السياسات النقدية المتاحة لها، من أجل إيجاد بيئة ملائمة تساعد على ازدهار النمو الاقتصادي، والسيطرة على التضخم.

وتحاول البنوك المركزية في الوقت الحاضر تحفيز التضخم، وفي الوقت نفسه تحقيق نمو اقتصادي مستدام، وللأسف تم استنفاد معظم الوسائل التي تستخدمها هذه البنوك في مجال السياسات النقدية.


وواصل المستثمرون طوال الفترة الماضية الاعتماد على البنوك المركزية لإنقاذ الأسواق، كلما عانت أسواق الأسهم من أي أزمة، وقد جرى بطريقة معيّنة إجبارها على التدخل بطريقة أو بأخرى لكننا نعتقد أن الوضع لم يعد كذلك.

وتتعاون الأسواق المالية العالمية والبنوك المركزية في معظم الأحيان، وتعمد إلى مساعدة وإنقاذ بعضهم البعض في بعض الأحيان.

وقد تتغير مواقفهم وردة فعلهم على السوق أو غيرها من الإجراءات التي تتخذها البنوك المركزية، ومن المفترض أن يتصرف كلاهما كالحكماء وأن يقدموا توجيهات وتطلعات مستقبلية جيدة للمستثمرين ورجال الأعمال، حتى يتمكنوا من وضع استراتيجياتهم الاستثمارية المستقبلية، وليس هذا هو الحال في الوقت الحاضر للأسف، إذ إن معظمهم أصبحوا رهائن قراراتهم وإجراءاتهم.

وخير دليل على الوضع الذي يبيّن كيف تحولت فيه البنوك المركزية إلى رهينة أعمالها ظهر في وقت سابق من هذا العام، وبالتحديد في منتصف شهر فبراير الماضي، عندما شهدت معظم أسواق الأسهم عملية تصحيح كبيرة ودخلت من الناحية التقنية في مرحلة السوق الهابطة.

وتخلى مجلس الاحتياطي الفيديرالي الأميركي بشكل مفاجئ في ذلك الوقت عن خططه لرفع معدلات الفائدة، بينما أصبح البنك المركزي الأوروبي أكثر حدة في سياساته الخاصة بمعدلات الفائدة السلبية، إلى جانب توسعة برنامجه للتيسير الكمّي لشراء سندات الشركات.

وفي نتيجة لخطوات كل من الفيديرالي الأميركي والمركزي الأوروبي، نجحت أسواق الأسهم بالانتعاش سريعاً، وتمكنت من استعادة معظم خسائرها الفادحة التي تكبّدتها لتنهي الربع الأول من العام بخسائر بسيطة.

ويتمثل اختبار المستثمرين الآن في تقييم أداء الشركات خلال الربع الأول من العام، والتحقق مما إذا كانت في وضع يتيح لها تحقيق نتائج جيدة.

وإذا حققت الشركات نتائج مالية جيدة في الربع الأول من العام، فذلك يعني خروج البنوك المركزية من ورطتها على الأقل في الوقت الحاضر، أما إذا كانت نتائج الشركات سيئة ودخلت الأسواق في مرحلة تصحيح أخرى، فإننا نشكّ كثيراً أن تهب البنوك المركزية لنجدتها مرة أخرى.

إن معدلات الفائدة المنخفضة هي إيجابية بالنسبة لأسعار الأسهم على المدى القصير، وتشجع المدّخرين للاستثمار في الأصول ذات المخاطر العالية مثل الأسهم والسندات.

وتساهم معدلات الفائدة المنخفضة في تقليص معدل الخصم المطبّق على الأرباح المستقبلية، ويرى بعض المستثمرين أن المعدلات المنخفضة للفائدة تبرر مضاعف الربحية الأعلى، وهي بذلك تجعل السندات أقل جاذبية. ونحن نعتقد أن على المستثمرين مقارنة تقييمات الأسهم مع السندات ذات الأجل الأطول بدلاً من معدلات النقدية، ونعتبر أن الأسهم لا تستحق بعد فترة زمنية، ولذلك كلما كان موعد استحقاق السندات أطول، كلما كانت أكثر دقة عند القيام بعملية مقارنة تقييم نسبية.

وتعمل البنوك المركزية على توفير الأموال بشكل لم يسبق له مثيل، على أمل أن يتم إنفاق هذه الأموال في نهاية المطاف من قبل المدّخرين والمستهلكين على حدٍّ سواء.

واكتشفت البنوك المركزية حقيقة توجه معظم هذه الأموال إلى سوقي الأسهم والسندات، إذ كان بعض هذه الأموال يلاحق الأسهم في الأسواق الخارجية التي تتمتع بعائد مرتفع على الاستثمار، والتي تحمل في الوقت نفسه مخاطر كبيرة، انها الأموال التي تبحث دائماً عن العوائد الأعلى أينما تواجدت.

وحاولت البنوك المركزية دون أي نجاح على الإطلاق، الحدّ من مغادرة هذه الأموال للأسواق المحلية، وفي حين كان مجلس الاحتياطي الفيديرالي الأميركي يرفع أسعار الفائدة ويشير إلى عزمه لرفعها أكثر خلال الفترة المقبلة، بينما كانت أخرى تعمل على خفض أسعار الفائدة.

ولم يشهد العالم من قبل مثل هذا التباين في سياسات البنوك المركزية العالمية، ويبدو أن قراراتهم وخطواتهم سيئة إلى درجة تجعل من المستثمرين أكثر توتراً، والأسواق أكثر تقلباً بالمقارنة مع أي وقت مضى.

وهدأ قرار مجلس الاحتياطي الفيديرالي الأميركي الأخير، بعدم رفع أسعار الفائدة الأسواق قليلاً، على الأقل في الوقت الراهن، كما أن تطمينات الحكومة الصينية بأن النمو الاقتصادي مازال على المسار الصحيح ساعد المستثمرين على استهداف أسهم شركات بعض السلع الأساسية والنفطية، التي تعرضت لضربات قوية خلال الفترة الماضية.

وهنا بالضبط يكمن الخطر بالنسبة للمستثمرين، إذ إن تصريحات البنوك المركزية والسلطات الحكومية لا ينبغي أن تشكّل قاعدة للاستثمارات، كما أن الكلام الذي يُقصد به تهدئة الأسواق هو مجرد كلام، وهنا يجب على المستثمرين الآن التركيز على أساسيات الاستثمار أكثر من أي وقت مضى.

ومن الواضح تماماً أن أسواق الأسهم أصبحت تعتمد الآن على الأموال المتوافرة في جميع أنحاء العالم، والتي تبحث عن أماكن للاستثمار مع ضمانات من البنوك المركزية.

وكان الاقتصاد العالمي على مدى السنوات القليلة الماضية في اتجاه تنازلي وليس قوياً بما فيه الكفاية التي تتيح للبنوك المركزية تشديد سياساتها النقدية، وضعيفاً في أحيانٍ أخرى بدرجة تسمح لهذه البنوك بالاستمرار في سياسة طباعة الأموال وتوزيعها، كما أنه من الواضح أن اعتماد المستثمرين على البنوك المركزية هو مرحلة تتجه إلى خواتيمها.

* شركة رساميل
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي