No Script

الأيام الأخيرة في حياتهم / علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (4 من 5)

تصغير
تكبير
تحت هذا العنوان نعرض لحلقات يومية متتابعة على مدار أيام الشهر الفضيل، نقدم من خلالها وصفاً للأيام الاخيرة في حياة بعض الشخصيات التي كان لها اثر واضح في تاريخ الأمة الاسلامية، لنتخذ منها العبرة والعظة... والله أسأل التوفيق والسداد.

وبعد انتهاء المعركة قالت السيدة عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها) للقعقاع والله يابني لوددت أني قد مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة.

وذهب القعقاع ألى علي وكان في جيشه فأخبره بما سمع فقال له علي:

والله لوددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة فكان قول كل من عائشة وعلي واحد، وألمهما واحد لما جرى في المعركة، وسألت عائشة عن بعض الرجال الذين كانوا في جيشها فقيل لها لقد قتلوا.

فقالت يرحمهم الله، ثم سألت عن رجال كانوا في جيش علي، فقيل قتلوا: فقالت يرحمهم الله، وصلى علي رضي الله عنه صلاة الجنازة على قتلى الجيشين، ثم دخل البصرة وبايع له أهلها جميعاً وعين أبي عباس رضي الله عنهما والياً عليها، وبعد أيام توجه إلى الكوفة وجعلها عاصمة لخلافته.

وبعث علي الصحابي جرير بن عبدالله البجلي إلى معاوية في الشام وطلب منه مبايعته وطاعته، واستشار معاوية أهل الشام فاتفقوا على انهم لا يبايعونه إلا بعد أن يقتل هو قتلة عثمان الذين معه في جيشه.

عندما توجه علي رضي الله عنه من الكوفة إلى الشام لاخضاع معاوية ومن معه، واستعد معاوية للقائه ومقاتلته، وكان جيش علي مئة وعشرين ألفاً، وكان عدد جيش معاوية تسعين ألفاً، والتقى الجيشان في «صفين» على نهر الفرات، وكانت معركة صفين الأليمة المحزنة التي استمرت أسابيع وسقط فيها عشرات الآلاف من القتلى من الجيشين.

بدأ القتال في شهر ذي الحجة سنة ست وثلاثين ولما دخل شهر محرم من سنة سبع وثلاثين تحاجز الجيشان وتوقفا عن القتال طيلة الشهر، وبعث علي وفداً منه إلى معاوية وكان برئاسة عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه ودعا عدي معاوية إلى مبايعة علي ليجمع الله الكلمة ويحقن الدماء، ورد معاوية بقوله: نحن لا نرد على علي ولا ننازعه الأمر، ولا نتهمه بقتل عثمان، ولكنه آوى القتلة، وكل ما نريده منه هو أن يسلم لنا القتلة لنقتلهم، وبعد ذلك نبايعه أميراً للمؤمنين ونجيبه إلى الطاعة.

البداية والنهاية

ومضى شهر محرم ولم تنجح جهود الصلح بين الفريقين، وبدأت الحرب ثانية مع دخول شهر صفر واستمرت عشرة أيام وكانت حربا شديدة طاحنة وفي عصر يوم الجمعة العاشر من صفر رفع أهل الشام المصاحف على الرماح. بعد رفع المصاحف وانتهاء حرب صفين وبعد مكاتبات ومراجعات بين جيش علي وجيش معاوية، اتفق الفريقان على التحكيم.

اجتمع الحكمان وهما أبوموسى الأشعري (رضي الله عنه) من قبل علي (رضي الله عنه) وعمرو بن العاص (رضي الله عنه) من قبل معاوية (رضي الله عنه) وكان الاجتماع في شهر رمضان سنة سبع وثلاثين كما اتفقوا في صفين.

ولقد اتفق أبوموسى الأشعري وعمرو بن العاص على أن يعهدا بأمر الخلافة إلى أصحابها وهم أهل الحل والعقد من الصحابة، وهم الصحابة الذين بقوا أحياء الذين توفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو عنهم راض: من أمثال علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وعبدالله بن عمر وهم الذين كانوا في الشورى عند اختيار عثمان، اتفق الحكمان على أن يلتقي هؤلاء وأن يختاروا من بينهم أميراً للمؤمنين وأن يبايعوه عن رضى في ذلك ثم يبايعه المسلمون في جميع الأمصار والبلدان، لكن الاتفاق بينهم لم يتم فالنتيجة التي خرجا بها الحكمان لم ترض الفريقين ولم يجتمع كبار أعيان الصحابة لاختيار أمير المؤمنين وبقي الأمر بين علي ومعاوية على ما هو عليه. علي يتصرف في البلدان التي معه باعتباره والياً وليس أميراً للمؤمنين وبينهما هدنة إلى حين و بهذا انتهى أمر التحكيم ولم يحل المشكلة القائمة.

لما انتهى التحكيم بدون اتفاق بقيت الشام هادئة تابعة لمعاوية أما علي فقد تفاقمت مشكلة الخوارج عنده، فقد خرجوا إلى «النهروان» وشكلوا هناك جيشاً مسلحاً وصاروا يعيثون فساداً حيث سفكوا دماء المسلمين، وقطعوا عليهم الطريق واستحلوا دماءهم وأموالهم.

(يتبع غداً إن شاء الله).
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي