No Script

كتاب إسرائيلي يعترف بتفوق المخابرات المصرية

أخطر أربعة جواسيس للقاهرة داخل تل أبيب

تصغير
تكبير
| القاهرة ـ من رشدي الدقن |

«كيبورك يعقوبيان، شموئيل سامي باروخ، عبدالرحيم قرمان، توفيق فياض» أربعة عملاء نجحت المخابرات المصرية في زرعهم داخل إسرائيل في وقت الحروب، واعترفت تل أبيب في حينه بنجاح جهاز المخابرات المصرية في اختراق الحاجز الإسرائيلي.

وبحسب كتاب إسرائيلي يحمل عنوان «الجواسيس»، وهو الكتاب الذي ظل ينتقل لمدة ثلاثة أعوام ما بين الرقابة العسكرية والشاباك والموساد والأمان، ثم نقل إلى دائرة الشؤون الجنائية والأمنية في الادعاء العام الإسرائيلي لمراجعته وإقراره ولم تتم الموافقة على نشره إلا بعد أن وافقت محكمة العدل العليا الإسرائيلية عليه وبحكم قضائي، فإن تل أبيب لا يمكنها إنكار هذه العمليات المخابراتية القوية.

الكتاب كشف، بحسب الخبير الأمني المصري ورئيس مركز الجمهورية للدراسات الاستراتيجية والأمنية اللواء سامح سيف اليزل، أن القاهرة استطاعت وبحرفية شديدة زرع الثلاثة في قلب إسرائيل، وحتى بعد كشفهم والقبض عليهم لم تتخل عنهم، واستطاعت بمفاوضات إخراجهم من السجون ومساعدتهم في بدء حياة جديدة في أوروبا.

واعترفت إسرائيل نفسها من خلال الكتاب، الذي كتبه الصحافي الإسرائيلي في جريدة «هآرتس» والكاتب المتخصص في شؤون الأمن يوسي ملمان، وزميله المحرر في جريدة «يديعوت أحرونوت» الذي قام بتغطية معظم الحروب الإسرائيلية والأنشطة الأمنية وعمل مديرا لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين في ما بعد ايتان هابر، أن المصريين نجحوا في زرع أربعة جواسيس هم الأخطر في تاريخ الكيان الصهيوني، وصنفهم الكتاب على أنهم من أهم عشرين جاسوساً اخترقوا الدولة العبرية.

وأورد الكتاب قضايا لعملاء مصريين تم زرعهم بواسطة المخابرات العامة المصرية، منهم: رفعت الجمال، الذي دخل إسرائيل تحت اسم جاك بيتون، والشهير برأفت الهجان وقصته، وكيبورك يعقوبيان، وشموئيل سامي باروخ، وعبدالرحيم قرمان.

وقال الكتاب إن العميل الأول هو: كيبورك يعقوبيان أو يتسحاق كوتشك ولد في مصر العام 1938 لعائلة أرمينية.، ودرس في المدارس المصرية وعند بلوغه سن العشرين عاماً توفي والده وأصبح العائل الوحيد للأسرة فتوقف عن الدراسة وعمل بالتصوير حتى يستطيع توفير المال لأسرته، ورغم عدم إكمال تعليمه فإنه كان يتحدث أربع لغات بخلاف اللغة العربية، وهي الإنكليزية والفرنسية والإسبانية والتركية.

وتم تجنيده بواسطة المخابرات العامة المصرية لزرعه داخل إسرائيل، حيث تم تدريبه وإعداده لمدة عام كامل اشتملت على إجراء عملية ختان له، حيث إن اليهود يختتنون ولم يكن هو كذلك، وأعطي هوية جديدة باسم يتسحاق كوتشك يهودي من مواليد العام1935 في اليونان.

وسافر إلى البرازيل بناء على الخطة الموضوعة من جانب المخابرات المصرية في شهر أبريل العام1960 بحرا، وبعد وصوله إلى البرازيل بشهرين اندمج مع الجالية اليهودية في سان باولو، وفي نهاية العام 1961 تقدم إلى مكتب الوكالة اليهودية بطلب هجرة إلى إسرائيل وتم قبول طلبه وأبحر من البرازيل إلى إسرائيل عن طريق إيطاليا ووصل ميناء حيفا في منتصف العام1961.

بعد انتهاء دراسته للغة العبرية في إحدى الكيبوتسات طلبت المخابرات المصرية منه التقدم للتجند في الجيش الإسرائيلي وبالفعل تم تجنيده في سلاح النقل وتدرب على قيادة سيارات النقل الثقيلة في قاعدة عسكرية في منطقة بيت نبالا بالقرب من مدينة اللد، ثم عين سائقاً لأحد الضباط الكبار في قيادة الدفاع المدني وهو العقيد شمعيا بكنشتين.

ومن خلال وجوده في جيش الدفاع الإسرائيلي أرسل كمًّا هائلا من المعلومات إلى المخابرات المصرية، ونظراً لخبرته السابقة كمصور قام بتصوير أهداف عسكرية مهمة، كما ورد في الكتاب الإسرائيلي.

وقبض على يتسحاق كوتشك بعد أعوام عدة من العمل مع المخابرات المصرية، وأثناء محاكمته وصفته صحيفة «يديعوت أحرونوت» بأنه حوت ضخم لا يمكن لأجهزة الأمن الإسرائيلية القبض على العديد مثله. وحكمت المحكمة عليه بأقصى عقوبة وهي ثمانية عشرة عاماً في السجن قضى منهم عامين فقط، وفي 29 أبريل العام 1966 تم تبادله مع ثلاثة إسرائيليين كانوا قد اجتازوا الحدود المصرية من دون إذن وهم: يلفيد حانوخا وابنه صموئيل حانوخا وعودي مائير، وطلبت مصر استلام فدائيين فلسطينيين مع يتسحاق كوتشك هما: حسين حسن الحفاني وسعيد خميس عبدالقادر اللذان قبض عليهما في إسرائيل وهما في طريقهما لتنفيذ عملية فدائية في الداخل.

ورصد الكتاب قصة الجاسوس الثاني، وهو رجل الأعمال الإسرائيلي شموئيل سامي باروخ، الذي ولد في العام 1923 في مدينة القدس، الحي القديم، والده صيدلي، والعائلة ثرية تعيش في الحي اليهودي بالقدس منذ مدة طويلة، ودرس في البلدة القديمة بالقدس، ثم درس في المدرسة الزراعية بمنطقة برديس حنا، ثم انتقل للدراسة في كلية سانت جورج التابعة للكنيسة الانجليكانية، ثم أنهى دراسته في معهد النسيج بمدينة مانشستر في بريطانيا، واندلعت الحرب العالمية الثانية وبعد مرور عامين تجند شموئيل باروخ في الجيش البريطاني ووصل إلى رتبة رقيب أول وأصيب في المعارك وحصل على أوسمة عدة وبعد الحرب في العام 1946 استكمل دراسته. وتخرج العام 1949 مهندس نسيج، وأنشأ مصنعا في مانشستر وتزوج وأنجب ثلاثة أولاد، وبعد نحو عشرة أعوام عاد إلى إسرائيل مع زوجته وأولاده، وأقام في تل أبيب وأنشأ مصنعا للنسيج في كريات جات باسم أرجدين للنسيج، وفي العام 1963 أفلس المصنع وتم بيعه لصالح الدائنين ما أصاب باروخ بصدمة نفسية شديدة.

وفي عام افلاسه قرر السفر وعائلته إلى سويسرا في محاولة لتوفير سيولة مالية بشكل أو بآخر حتى يعود لبدء نشاطه مرة أخرى في إسرائيل، ووصل بالفعل إلى جنيف وأقام وأسرته لدى أحد أقاربه هناك.

وعلمت المخابرات العامة المصرية بوجود باروخ في جنيف وبتفاصيل حياته بالكامل ومنها حالته المالية المتدهورة وتم تجنيده للعمل لصالح مصر، ورجع إلى إسرائيل هو وأسرته وقدم معلومات اقتصادية وسياسية مهمة من خلال اتصالاته ومعارفه لأعوام عدة، إلا أن رعونته وثقته الزائدة في نفسه أدت إلى القبض عليه ومحاكمته حيث حكم عليه بالسجن ثمانية عشر عاما أمضى منها عشر أعوام ثم أفرج عنه خلال عفو لبعض السجناء وترك إسرائيل وسافر لإحدى الدول الأوروبية ليبدأ حياة جديدة هناك.

أما الجاسوس الثالث فهو عبدالرحيم قرمان الذي ولد في العام 1938 لإحدى العائلات العربية الثرية والمحترمة في مدينة حيفا، وكانت عائلته معروفة خلال الانتداب البريطاني بأنها عائلة محترمة ومعتدلة وجاء ثراء هذه العائلة نتيجة امتلاكهم أراضي كثيرة في مناطق الجليل الغربي ومدينة الكرمل.

تلقى قرمان تعليمه في المدرسة الثانوية في حيفا، وغادر قريته في نهاية الخمسينيات وسافر إلى أوروبا وتعرف على شابة فرنسية تدعى مونيك وتزوجها بعد أن أسلمت وعادا معا إلى إسرائيل. وفي العام 1967 غادر ومعه زوجته إسرائيل إلى فرنسا مرة أخرى من أجل تبني ولد من أحد مخيمات اللاجئين في الدول العربية، وتعرف على أحد المصريين الذي قدمه إلى أحد ضباط المخابرات العامة الذي استطاع بعد فترة أن يجنده ويدربه للعمل لصالح مصر وكلف بمهام مهمة للغاية حسب ما جاء بالكتاب، منها تصوير سفن سلاح البحرية الإسرائيلي في حيفا، وتصوير الصواريخ من طراز جبرائيل التي تطلق من البحر على أهداف بحرية، وكانت هذه الصواريخ من الأسرار العسكرية المهمة في جيش الدفاع الإسرائيلي. كما كلف باختبار ملائمة طريق حيفا ـ عكا لاقلاع وهبوط الطائرات الحربية وقت الطوارئ، ومحاولة التقرب من اليهود خصوصاً الذين يسافرون كثيراً للخارج مع التركيز على العاملين في القوات الجوية الإسرائيلية.

وفي ربيع العام 1969 نجح قرمان في تجنيد عميل جديد للمخابرات المصرية بناء على التعليمات الصادرة له، وجند توفيق فياض بطاح البالغ من العمر 30 عاما ويعمل موظفا في جمارك ميناء حيفا حيث كانت هناك ضرورة لوجود أحد العملاء بصفة دائمة داخل الميناء لمراقبة القطع البحرية الإسرائيلية والإبلاغ عن جميع المعلومات والتفاصيل عنها، وهو الأمر الذي تم بنجاح حتى نهاية العام 1970 حيث قبض عليهما لعدم اتباعهما تعليمات الأمن.

وحكم على قرمان بالسجن لمدة 12 عاما واستأنف الحكم أمام محكمة العدل العليا التي حكمت عليه بـ 16 عاما، بزيادة 4 أعوام عن الحكم الأول.

أما توفيق بطاح فحكم علىه بالسجن لمدة 10 أعوام، وظلا بالسجن لمدة 4 أعوام وقامت المخابرات العامة المصرية بتبادلهما ومعهما آخران العام 1974 مقابل مبادلة الجاسوس الإسرائيلي باروخ زكي مزراحي، ثم قررا السفر إلى إحدى الدول الأوروبية للإقامة بها.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي