No Script

مؤسسة قسم العلاج الكيميائي في «حسين مكي جمعة» تحدثت لـ «الراي» عن آخر التطورات لمعالجة المرضى

شفيقة العوضي: 39 في المئة من الكويتيات معرّضات لـ «سرطان الثدي»

تصغير
تكبير
| كتبت سماح جمال |

اختارت ان تمضي حياتها بين غرف العلاج الكيميائي والتنقّل بين أسرّة المرضى لتخفّف عن آلامهم، تلك الآلام التي يقف الطب أحيانا أمامها عاجزا عن مدواتها. انها الدكتورة شفيقة العوضي استشارية العلاج الكيميائي ورئيسة وحدة الثدي بمستشفى حسين مكي جمعة، ارتبط اسمها بهذا المستشفى الذي أسست فيه قسم العلاج الكيميائي لتكون أول كويتية تعمل فيه وتؤسس هذا القسم.

لا تكتفي العوضي بالاهتمام بالجانب الطبي فحسب، بل تُعوّل على الحالة النفسية للمرضى وتؤمن بأهميتها ودورها في رحلة المرضى نحو الشفاء. زارتها «الراي» في مكتبها بمستشفى حسين مكي جمعة للحديث عن حياتها وتخصصها، فكشفت عن ان نحو 39 في المئة من الكويتيات معرضات للاصابة بسرطان الثدي، وان المراهقات بنمط حياتهن الحالي مؤهلات للاصابة أيضاً... وهذه تفاصيل اللقاء:



• ما الذي دفعك الى دراسة العلاج الكيميائي والتخصص في علاج سرطان الثدي؟

- بسبب الديناميكية والتطور المستمر فيه، فبعد رحلتي للدراسة في كندا قررت التخصص بالعلاج الكيميائي - قبل أربعة عشر عاماً - لما رأيته من انتشار لمرض السرطان بتلك الفترة وكان العلاج الكيميائي حينها طفرة جديدة في علاج السرطان. ولانني امرأة سأكون أكثر قدرة على الشعور بتلك النساء واحتياجاتهن النفسية والجسدية ما سيجعلني أكثر قدرة على ايصال المعلومة والمراحل التي ستمر بها.

• ماذا أضاف لك العمل بهذا المجال؟

- الرضا الوظيفي على الصعيد المهني، فقد أسست قسم العلاج الكيميائي بمستشفى حسين مكي جمعة وكنت أول كويتية تترأس القسم، ووضعت القواعد التي تحكم العمل وفرضت التخصص فيه، أما على الصعيد الشخصي فقد اكتسبت مرونة وأخذ الجانب النفسي للمريض بعين الاعتبار، كما قدّم لي هذا العمل نوعاً من التوازن وضبط النفس.

•كيف تكون الحالة النفسية للمريضة في مرحلة العلاج الكيميائي؟

-هناك حالات مختلفة، بعض المريضات اللاتي في المرحلة الأولى تكون حالتهن النفسية سيئة الى درجة ان بعضهن لا تتقبل المرض، لكن مع مرور ثلاثة أشهر يبدأن بالتعايش بصورة طبيعية مع المرض، عموماً فان النساء تتأثرن للغاية بالأعراض الجانبية للمرض فاستئصال الثدي أو تساقط الشعر يشعرهن بفقدان انوثتهن تدرجياً.

• ما مدى تقبل ذويهن للحالة؟

-الأهل عموما متعاطفون، أما الأزواج فتختلف حالاتهم بين متعاطفين مع زوجاتهن وآخرين يتركن زوجاتهن في هذه المرحلة، وهذا الأمر يخضع لطبيعة الشخص وليس له قواعد ثابتة.

• هل علاقتك مع المريضة تأخذ منحى شخصياً؟

- أحاول وضع ضوابط لمشاعري لكن تكون هناك أحياناً علاقة مع المرضى تمتد الى ذويهم بعد وفاة المرضى فيستشيرونني.

• ما أكثر الحالات التي أثرت بك؟

- كانت لشخصية كويتية مرموقة توفي بالسرطان، فتأثرت بصلابته وقدرته على مواجهة المرض الى درجة انه كان يخفف عندما يرانا متأثرين بحالته التي كانت تتدهور يوماً بعد آخر.

• هل تفكرين بتأييد ما يُسمى بـ«الموت الرحيم» للحالات الصعبة جداً؟

- هذا الموضوع لا أستطيع ابداء رأي فيه قبل اقراره من رجال الدين والقانون، فالأمر يحتاج الى ضوابط تحدد الحالات المناسبة فهناك حالات لمرضى مصابين بالسرطان الرئة مثلا يتعذبون حتى آخر لحظات حياتهم ويكونون غير قادرين على النوم أو حتى الاستيقاظ، وما نقدمه لهم هو مسكنات آلام فقط ولصعوبة حالاتهم يدعو لهم البعض بالموت ليرتاحوا.

•هل أصبح المجتمع يتقبل الاصابة بالاورام السرطانية أكثر من ذي قبل؟

- بات الوضع اليوم أفضل مما كان عليه قبل عشر سنوات بسبب انتشار الوعي لدى أغلب شرائح المجتمع، لكن لا يمكن ان ننسى وجود بعض الشرائح التي ترفض حتى الحديث عن المرض.

• ما سبب هذا الرفض؟

- البعض منهم لا يقبلون الشفقة من الآخرين فيلجأون الى كتم الأمر، وأتذكر مريضة أصيبت بسرطان الثدي وتم استئصال ثديها دون ان تُخبر أحداً من ذويها على الأمر وعاشت مرحلة العملية بمفردها وحتى جلسات العلاج الكيميائي وهي ترتدي النقاب حتى لا يتعرف أحد عليها.

• ما نسبة الاصابة بسرطان الثدي لدى الكويتيات؟

-حوالي 39 في المئة من الكويتيات وهي ليست نسبة مرتفعة مقارنة بالولايات المتحدة وكندا اللتين تعتبران من أكثر دول العالم اصابة بالمرض. ويعتبر ارتفاع معدلات الاصابة ضريبة التقدم الذي نعيشه اليوم من تغير انماط الأكل والتلوث البيئي وغيرها من سلبيات الحضارة.

• هل السمنة عامل مساعد للاصابة؟

-بعض التقارير العلمية تؤكد وجود علاقة بين السمنة وسرطاني الثدي القولون عند النساء خصوصاً مع انقطاع الدورة الشهرية. لكن المراهقات بنمط حياتهن الحالي وارتفاع نسبتي الدهون والسكر في الوجبات يجعلهن مؤهلات للاصابة بسرطان الثدي عندما يبلغن الأربعين من أعمارهن.

•هل للاصابة بسرطان عمر محدد وهل هو مرض وراثي؟

-عموماً في سن الخمسين لكن في الكويت هناك نساء يصبن بالسرطان في الثلاثين وحتى هناك حالات في العشرينات، كما انه يمكن ان ينتقل بطريقة وراثية بنسبة 5 الى 10 في المئة لذلك فان النساء اللواتي تتعدد اصابات سرطان الثدي في عائلتهن ينبغي اخضاعهن لفحوصات كشف مبكرة ودورية بصورة مكثفة للكشف عن الاصابة في وقت مبكر.

•ما أكثر انواع السرطانات انتشاراً بين الكويتيات؟

-سرطان الثدي ثم سرطان عنق الرحم ثم سرطان الرحم وسرطان المبايض.

•ما أحدث علاجات السرطانات المُتبعة في الكويت؟

- كل العلاجات المعتمدة عالمية وموجودة في الكويت وحتى العلاج الموجه «الذي يستهدف الخلية السرطانية مباشراً» موجود لدينا، فعلى الكويتيين الوثوق أكثر بالعلاجات الموجودة في الكويت ويثقون أكثر بنظامهم الطبي الذي قفز قفزات كبرى.

•ما الذي تتمنين اضافته لعلاج السرطانات في الكويت؟

- الرعاية النفسية لمرضى السرطان وتأمين معالجين نفسيين متخصصين وتوفير أماكن مخصصة لراحة أو حتى لمجرد التحدث مع معالج نفسي وجلوس المرضى معاً للتحدث عن تجربتهم حتى لايتولد لديهم شعور بالوحدة أو العزلة.

•هل تخضعين شخصيا لفحوصات الكشف عن المبكر عن السرطان؟

- طبعاً أقوم بها لمعرفتي بان هذه الأمور تقي وتحمي خصوصاً في بداية الورم، فالاكتشاف المبكر للمرض يمنح 90 في المئة من المرضى فرصة الشفاء.

• التقت «الراي» خلال تواجدها بمستشفى حسين مكي جمعة مع بعض المصابات بالسرطان اللاتي يخضعن للعلاج الكميائي، وقد تحدّثن عن تجاربهن ومواجهتهن لهذا المرض:

أم بدر تحدّثت عن رحلتها مع المرض منذ اكتشافها له: في أحد الفحوصات الدورية لاحظتُ وجود ورم صغير فأجريت فحوصات أخرى كشفت نتائجها عن اصابتي بسرطان الثدي وكنت حينها في الـ30 من عمري فخفت في البداية ثم اطمأننت عندما عرفت انه غير متقدم وحجمه صغير ويمكن استئصاله بالعلاج الكيميائي، وبالفعل خصعت لعملية استئصال للثدي في ديسمبر2009.

وعن موقف زوجها قالت: زوجي هو الداعم الأول لي في اجتياز هذه المرحلة الصعبة التي تعلّمتُ فيها الصبر والايمان بقضاء الله وقدره فكنت أعتقد انني بعيدة عن المرض ومحصنة منه، وأصبحتُ اليوم أقرب للناس في آلمهم والتعاطف معهم.

أما أم بدر فقالت: هزمتُ المرض، وأصبحتُ أعتبر السرطان مرضاً جباناً وغداراً وعندما نواجهه يخاف ويهرب.

بينما أم محمد التي أصيبت بسرطان الثدي في الستين من عمرها قالت: تقبلت الأمر وتعاملت معه ببساطة منذُ البداية، واليوم أكمل علاجي بجرعات الكيميائي وقمت بجراحة تجميلية بعد الاستئصال، أما عائلتي فلم أخبر أحداً ووقّعت بنفسي على الاقرار قبل العملية، وكنتُ أبسّط الأمر لأسرتي لتخفيف وقع الصدمة، وأرى في مرضي ابتلاء من الله وأحتسب كل ما مررت به في ميزان حسناتي.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي