No Script

أصوات من السماء / أول من تلا القرآن الكريم بمكبرات الصوت في مكة

الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي... القارئ الأستاذ من تلاميذه محمود علي البنا وأبو العينين شعيشع

u0627u0644u0634u064au062e u0639u0628u062fu0627u0644u0641u062au0627u062d u0627u0644u0634u0639u0634u0627u0639u064ar
الشيخ عبدالفتاح الشعشاعي
تصغير
تكبير
|القاهرة - من حنان عبد الهادي|
«في مناسبة الشهر الكريم... نقلب في أوراق روحانية مهمة... حيث نقترب من أصوات أنشدت وتلت القرآن الكريم... فباتت بحق أصواتا من السماء... نقترب منها، ونتعرف على حكاياتها في السطور التالية».
كان الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي... من أوائل القراء الذين حملوا أمانة نشر قراءة القرآن الكريم بصوت جميل محبب لدى مستمعيه، حيث كانت له طريقته الخاصة في الأداء أحبها الناس وكانوا يهيمون طربا مع الآيات القرآنية عندما يستمعون إلى ذلك الصوت العذب الذي كانوا يصفونه بالصوات الصداح القادم من السماء وقد خرج من الأرض ليشق عنان السماء.
ولد الشيخ عبد الفتاح محمود الشعشاعي... في قرية شعشاع بالمنوفية العام 1890 ميلادية، ووالده هو الشيخ محمود إبراهيم الشعشاعي وسميت القرية باسم جده شعشاع، وحفظ القرآن على يد والده في «10» سنوات فأتم حفظ القرآن العام 1900 ميلادية، وقد تأثرت شخصية الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي بشكل كبير بوالده الشيخ محمود الشعشاعي، لذلك فقد سافر الشيخ عبد الفتاح إلى طنطا لطلب العلم في المسجد الأحمدي وتعلم التجويد وأصول المد بالطريقة العادية، حيث أظهر تفوقا واضحا.
ولتفوق الشيخ عبد الفتاح وتميزه بصوت عذب... فقد نصحه المشايخ بالسفر إلى القاهرة للالتحاق بالأزهر الشريف ليدرس هناك القراءات على يد الشيخ بيومي والشيخ علي سبيع, وكانت عائلته تشك في - أن ينجح الشاب حتى في كسب عيشه - في رحلته إلى القاهرة. كون الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي فرقة للتواشيح الدينية وكان في بطانته الشيخ زكريا أحمد، الذي ذاع صيته فيما بعد، وسرعان ما بدأ الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي يتألق ويلمع وأصبح له عشاق بالآلاف، ولكن فرقة التواشيح لم تكن ترضي طموح الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي فغامر وألقى بنفسه في البحر... حيث يتصارع عمالقة القراءة، وفي الليلة الختامية لمولد الحسين - رضي الله عنه - مع أعظم وأنبغ المقرئين في بداية القرن الماضي من أمثال الشيخ محمد رفعت والشيخ أحمد ندا والشيخ علي محمود والشيخ العيساوي والشيخ محمد جاد الله.
وكانت تلك الليلة هي الليلة المباركة في حياة الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي فطار صوته إلى العالم الإسلامي وأصبح له مكان فوق القمة وأصبح له معجبون وتلاميذ ومنهم الشيخ محمود علي البنا، والشيخ أبو العينين شعيشع وغيرهما، وفي العام 1930 تفرغ الشيخ لتلاوة القرآن الكريم وترك التواشيح، وقرر عدم العودة إليها مرة أخرى، لكنه لم ينس رفاقه في ذلك المجال فقرر تخصيص رواتب شهــــرية لـــــــهم حتى وفاته.
وفي العام 1936 بدأ نجم الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي يتلألأ..لكنه رفض التلاوة في الإذاعة في أول الأمر خشية من أن تكون التلاوة في الإذاعة من المحرمات ولكنه تراجع عن ذلك القرار بعد فتوى شيخ الأزهر آنذاك الشيخ الظواهري... وقبول الشيخ رفعت لعرض الإذاعة، وكان يتقاضى راتبا سنويا قدره «500» جنيه مصري وفي أحد الأعوام دخل الشيخ الشعشاعي قصر الملك لقراءة القرآن الكريم في رمضان ثم أقسم بعدها ألا يعود إلى التلاوة مرة أخرى، فقد علم أنه بينما كان يقرأ القرآن في جناح القصر وكان الملك «يفسق» في جناح آخر.
وكان للشيخ عبد الفتاح الشعشاعي... طريقته الخاصة للأداء، وكانت متميزة عن طرق باقي القراء، وكان الشيخ الشعشاعي يستمع إلى أصوات الشيخ رفعت، وعلي محمود، وكان يصفهم بأنهم أساتذة وعمالقة لا يتكررون ويعتبر أنهم أصحاب مدارس خاصة في قراءة القرآن، ووصف مدرسة الشيخ محمد رفعت بأنها مدرسة انتهت ولن تتكرر بوفاة الشيخ رفعت.
وكان للشيخ الشعشاعي حكاية طريفة في رحلته الأولى إلى دولة العراق وقد سردها تلميذه الشيخ أبو العينين شعيشع حيث قال: جاءتني دعوة عاجلة من سفير العراق بالقاهرة لإحياء عزاء الملكة «عالية» ملكة العراق بناء على رغبة من القصر الملكي الذي أرسل إلى السفارة يطلب القارئ أبو العينين شعيشع والقارئ الشيخ مصطفى إسماعيل فوافقت وبحثت عن الشيخ مصطفى إسماعيل كثيرا فلم أجده والوقت لا يسمح بالتأخير... فاتصلت بالسفير العراقي وأخبرته بصعوبة الحصول على الشيخ مصطفى إسماعيل.، فقال السفير: اختر قارئا من القراء الكبار معك.
ويقول الشيخ شعيشع... فاخترت المرحوم الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي، وعلى الرغم من أن العلاقة كانت مقطوعة بيننا وبينهم.
لكن وزير الداخلية آنذاك السيد فؤاد سراج الدين... وسهل لنا الإجراءات وأنهينا إجراءات السفر بسرعة ووصلنا مطار بغداد، وإذا بمفاجأة لم نكن نتوقعها، حيث استقبلته استقبالا رسميا بالمطار كاستقبال المعزين من الملوك والرؤساء، لكن المفاجأة أصبحت مفاجأتين قالوا «وين الشيخ مصطفى؟» فقلت لهم إنه غير موجود بالقاهرة... ولم نعرف مكانه وكان الوقت ضيقا فأحضرت معي فضيلة الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي وهو أستاذنا ومن مشاهير قراء مصر وشيخ القراء، وفوجئت بأن وجه الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي تغير تماما وظهرت عليه علامات الغضب لأنه كان يعتز بنفسه جدا.
وقال الشيخ الشعشاعي للشيخ أبو العينين: لو كنت قلت لي ونحن بالقاهرة إنني لست مطلوبا بالاسم من القصر... ما كنت وافقت أبدا، ولكنني الآن سأعود إلى القاهرة، وكان كل ذلك في مطار بغداد، وأصر الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي على العودة إلى مصر وبمساعدة المسؤولين العراقيين... استطاع الشيخ أبو العينين إثناء الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي عن قراره الصعب وخرجا من المطار وسط جمهور محتشد لاستقبال الشيخين... وكان الجمهور لا حصر له ونزلا بأكبر فنادق بغداد واستراحا بعض الوقت وتوجها بعد ذلك إلى القصر الملكي حيث العزاء، وكانت الليلة الأولى على مستوى الملوك والرؤساء والأمراء والثانية على مستوى كبار رجال الدولة، والضيوف والثالثة على المستوى الشعبي.
ويقول الشيخ أبو العينين شعيشع... وفقنا الله في الليلة الأولى، ولكن أثر الموقف مازال عالقا بكيان الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي فلما رجعنا إلى مقر الإقامة بالفندق قال لي الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي: أنا انتظرت الليلة عشان خاطرك وباكرا سأتجه إلى القاهرة فحاولت أن أقنعه، ولكنه كان مصرا بشكل كبير، فقلت له نم يا شيخنا وفي الصباح تسافر أو كما تحب وقضيت الليل في التفكير كيف أثني الشيخ الشعشاعي عن قراره.
ثم جاءتني فكرة وذهبت إليه
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي