No Script

صدى الكلمة

اللغة العربية والإنترنت

تصغير
تكبير
يكثر الحديث عن علاقة اللغات بالفجوة الرقمية، وإن اللغة رغم تأثيرها إلا أن هناك عوامل أخرى مؤثرة في الفجوة أو الهوة الرقمية منها تراكم وانتاج المعرفة، والتقدم التكنولوجي المتسارع، وتراكم الخبرات، وآليات الانتشار وغيرها. وباختصار تفهم الفجوة الرقمية بأنها المسافة التي تفصل بين مالكي وعدم مالكي المعرفة على المستويين الكمي والنوعي، وكيفية الاستفادة من هذه المعرفة، والعمل على تنميتها..

استقراء علاقة اللغة العربية بالفجوة الرقمية يعكس تخلفاً رهيباً غير مقبول باعتبار أن اللغة العربية تحتل المرتبة السادسة عالمياً من حيث الانتشار، وهي لغة عالمية معتمدة من الأمم المتحدة في استخداماتها الدولية، هذا في الوقت الذي يتحدث بالعربية نحو 440 مليون شخص في الدول العربية والإسلامية. كما ان 95 مليوناً يستخدمون الإنترنت في العالم العربي، بينما نسبة المحتوى العربي على الإنترنت أقل من (1%) مقارنة بالناطقين بالهولندية الذين لا يزيد عددهم في العالم على 20 مليون نسمة، أو الناطقين بالتركية والبولندية والإيطالية. ان ذلك يعني ضعف حضور اللغة العربية في الساحة الرقمية.


والسؤال: لماذا تخلفت اللغة العربية في الساحة الرقمية؟

كثيرون يعتقدون أن المشكلة تعود إلى طبيعة اللغة العربية من حيث حروفها ومفرداتها، بينما آخرون لا يرون ذلك بدليل أن الكثير من اللغات الأجنبية، كاليابانية والصينية والتركية والعبرية وغيرها تقدمت على اللغة العربية في مجال الساحة الرقمية وقوة حضور المحتوى على الإنترنت.

إذاً هناك مجموعة من العوامل ينبغي البحث فيها لتحديد أسباب ضعف المحتوى العربي على الإنترنت ليس من السهل تغطيتها كاملاً في هذه المقالة، ونكتفي بالإشارة لبعض منها والتي هي وليدة الحالة العربية المتردية في المجالات الثقافية والعلمية والتقنية.

إن المؤسسة التعليمية العربية تتحمل جزءاً كبيراً من مسؤليات العناية باللغة العربية، وهي من الأسباب المباشرة في ضعف اللغة العربية لدى التلاميذ والشباب، فضلاً عن غزو اللغات الاجنبية على الثقافة العربية ومؤسسات التعليم العالي.

أما مجال البحث العلمي، والقدرة على إنتاج المعرفة وتخزينها في العالم العربي بوجود مراكز معلومات وأبحاث تساهم في حرية الاتصال والتواصل، ومحو الامية المعلوماتية وغيرها فهي ظواهر مخزية تعكس حجم التخلف العربي، وصعوبة القدرة، ليس على تطوير الساحة الرقمية فقط وإنما كذلك التأثير في زيادة الفجوة الرقمية مع الدول المتقدمة.

إن المتصفح للمحتوى العربي على الإنترنت يلاحظ ركاكة اللغة العربية المستخدمة، وتكرار عمليات النسخ والنقل من بعضها البعض، وتفاهة المعلومات المنقولة، والأخطاء الفادحة في الترجمة العلمية من اللغات الأجنبية إلى العربية.أما ترجمة المصطلحات الأجنبية على الصفحات الرقمية العربية فحدث ولا حرج، فالكثير منها ترجمات مصطلحية خاطئة، ولا تستند على قواعد مصطلحية، فضلاً عن عدم توحيدها وكثرة الخلاف عليها من بلد لآخر.

ومن العجائب في المصطلحات العربية على الإنترنت أنها تكتب باللغة العامية مما يفتح المجال لانتشار ألفاظ غربية لا صلة لها باللغة العربية الفصحى، وتزيد فجوة الخلاف والفوضى في المصطلحات العلمية، خصوصاً وأن الاتفاق العربي على المصطلحات لا يختلف كثيراً عن خلافاتهم السياسية.

لذلك لسنا متفائلين بقدرتنا على السباق بركب المنافسة الرقمية العالمية ما دامت الاحوال العربية تزداد سوءاً، وخاصة في تخلف انظمتها التعليمية، والاستمرار في استهلاك ما يقدم لها من معارف جاهزة، خصوصاً وأن المعرفة العالمية تنمو بسرعة مذهلة، واللغات الأخرى تواكب المتغيرات العلمية والتقنية من خلال العناية بها، وتطويرها مصطلحياً ولفظياً وتقنياً وإذا كانت هناك بعض المبادرات أو المشاريع العربية في مجال تفعيل وتطوير المحتوى العربي على الإنترنت فإنها محاولات متواضعة محدودة الأثر.

yaqub44@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي