No Script

مخاوف من انتقال الانهيارات من مبان قيد الإنشاء إلى المأهولة

... أين سيكون الانهيار التالي؟!

تصغير
تكبير
• مهلهل الخالد: لجنة تحقيق لا تكفي من دون عقاب ... يجب أن يبدأ الحساب بمسؤولي البلدية

• يوسف الأنصاري: سجلنا 48 حالة انهيار مبنى تحت الإنشاء العام الماضي ما ينذر بخطر قائم

• عبدالله الكندري: تضافر جميع الجهود لإيقاف هذا العبث ومعاقبة المتسببين تجنباً لكارثة مقبلة

• «المهندسين»: لجنة لتصنيف المقاولين ومساءلة الجهة المعنية بتطبيق الاشتراطات ورفع متطلبات التأمين
ما كان بعيداً عن التوقع ونتابعه يحدث بعيدا عنا أصبح ماثلا عندنا بكل ما يحمله من مآسٍ... فلم تعد مناظر انهيارات العمارات والمباني على رؤوس ساكنيها تحتل شاشات تلفزيوناتنا ونحن نشاهدها تحدث في بعض الدول العربية والعالم، بل صارت جزءا من مشهد تكرر أكثر من مرة في الكويت.

انهارت قبة مسجد قيد البناء فخلفت حالة وفاة وعدة إصابات بليغة، وقبلها انهارت قبة مسجد آخر والضحية شاب في عمر الزهور وعدد من الجرحى، لتضاف هاتان الحالتان إلى 38 حالة سبقتها في عام 2014 ما يؤكد أن هناك خللا يحتاج إلى تدخل سريع يوقف هذا الاستهتار بالأرواح، أيا كان موقعه والمسؤولون عنه.


هذا التكرار لحالات انهيار المباني تحت الانشاء أثار الهواجس والمخاوف من حدوث كارثة قد تطيح بأرواح كثيرة ممن يسكنون بتلك المباني بعد انتهائها، لما في ذلك من اشارات واضحة عن الغش في مواد البناء وانعدام المهارة لدى العمال وضعف الرقابة والاشراف من المكاتب الهندسية المسؤولة عن هذه المباني، ما دعا الكثيرين للتساؤل هل سيأتي اليوم الذي يصلون به «بالعراء» خوفا من انهيار سقف المسجد على المصلين؟!

ولأن الأمر يتعلق بالتصميم الهندسي، ثم بالتنفيذ الإنشائي، فتبدو المسؤولية متشعبة لأكثر من جهة، وهنا شدد رئيس المجلس البلدي مهلهل الخالد على ضرورة محاسبة مسؤولي بلدية الكويت على الأخطاء التي ترتكبها المكاتب الهندسية، لاسيما مع تكرار انهيار المباني والمساجد بسبب عدم المتابعة.

وبين الخالد في تصريح لـ«الراي» أن «البلدية في السابق كانت تتحمل مسؤولية مراقبة بناء المنازل، ومع ازدياد الكثافة السكانية انتقلت المسؤولية إلى المكاتب الهندسية التي وقعت تعهدات إشراف مع البلدية»،متسائلاً «ماذا فعلت البلدية؟ ومن المسؤول؟ وما العقوبات التي تم إيقاعها على تلك المكاتب؟».

وأكد أن لجنة للتحقيق لا تكفي طالما ليس هناك أي عقاب يذكر، ولذلك لابد من إيقاف عمل المكتب المخالف لمدة سنة كعقوبة، وإن تكرر الخطأ يتم شطبه من مزاولة المهنة.

وفي هذا السياق قال مدير عام الادارة العامة للاطفاء اللواء يوسف الانصاري ان هناك 48 حادث انهيار مبنى تحت الانشاء في 2014،موضحا ان هذا الرقم مخيف في ظل التطور العمراني الذي تشهده البلاد خلال السنوات الماضية.

واوضح الانصاري لـ«الراي» ان هناك اسبابا عدة تؤدي الى الانهيار منها عدم وسوء تصميم الشبرات الخشبية والحديدية لمقاومة الاحمال الانشائية وعدم مطابقة مواد الشبرات للمواصفات القياسية، وكذلك عدم التأكد من القواعد الارضية للشبرات وقلة خبرة العمالة ومعظمهم ليس له دراية في اعمال الشبرات وصب الخرسانة، بالاضافة الى ان اقامتهم مخالفة ويزيد الطين بلة ان دور المكاتب الهندسية مفقود في هذا الجانب ولا قوانين رادعة بحقهم ما يترك المقاول يتحكم بالبناء والمواد والعمالة كيفما يشاء.

وناشد الانصاري الجهات المختصة الى التشدد ومراقبة المقاولين والمكاتب الهندسية على توفير جوانب الامن والسلامة وعدم التساهل في تطبيق القانون وألا يأتي لنا يوما نخاف ان نصلي بالعراء بدل المساجد، مطالبا الجهات ذات الاختصاص بالجلوس على طاولة واحدة لمناقشة هذا الوضع واسباب هذه الحوادث وطرق الوقاية منها ومعالجتها لضمان المواطنين والمقيمين وللمحافظة على الارواح والممتلكات.

واكد انه حضر في مؤتمر الكوارث اقامته شركة البترول الوطنية وتحدثت به عن الاستعدادات للتعامل مع الكوارث والازمات ومشاركة الجهات الحكومية ذات الاختصاص و تفاجأت بخبر سقوط سقف مسجد قيد الانشاء في صباح الاحمد ووفاة احد العمال ومعالجة 4 غيرهم ما كان مادة دسمة للحاضرين لزيادة الاهتمام بهذا الموضوع.

واشاد بالجهود الكبيرة التي يبذلها رجال الاطفاء والطوارئ الطبية ووزارة الداخلية وحضور ومساندة بعض المسؤولين ووقوفهم بجانب ابنائهم اثناء الحوادث ما يزيد من معنوياتهم في البذل والعطاء.

وفي هذا الجانب قال عضو المجلس البلدي عبدالله الكندري ان ما نشاهده من سقوط مبان تحت الانشاء ومساجد ووفاة عاملين بها، لهو خطر كبير يجب تضافر جميع الجهود لإيقاف هذا العبث ومعاقبة المتسببين خوفا من كارثة مقبلة.

واشار الكندري ان هناك قرارا سابقا صادرا من مجلس الوزراء في 2005 اكد ان أي مبنى يتبع وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية وتكلفته اكثر من 5 ملايين دينار تكون الوزارة المشرفة والمديرة له وليس البلدية، لافتا ان سقوط قبة مسجد الزير في العميرية العام الماضي وسقوط مسجد في صباح الاحمد أخيرا دليل واضح على الاهمال والتقاعس في الاشراف على هذه المباني ولم تطبق عليها شروط الامن والسلامة، متسائلا «هل تنتظر سقوط المساجد على المصلين حتى تصحى وزارة الاوقاف وتطبق شروط الامن والسلامة».

واضاف ان سقوط المباني تحت الانشاء لم يشمل المساجد فقط بل شمل المباني السكنية والتجارية ونتج عنها ازهاق ارواح كان ذنبهم انهم عملوا عند مقاول لا يخاف الله ولم يطبق شروط الامن والسلامة وساعده في ذلك مكتب هندسي اشرف «بنص عين» على المبنى تاركا للمقاول حرية اختيار المواد وكمياتها لسلامة ضميره،موضحا ان هناك قانون السلامة وحماية الممتلكات الصادر في 1978 والمعدل في 1980 وموضح به تشريعات للانظمة والاستراحات التي يلزم اتباعها لسلامة الافراد والمحافظة على الممتلكات والمرافق العامة ولكن لا يوجد من يلتزم به وليس هناك عقوبات رادعة للمتقاعسين من المقاولين، مشيرا الى ان عقوبة من لا يلتزم الف دينار فقط وفي حال وجود وفاة فعلى اقربائه اللجوء للقانون المدني.

اما في ما يخص دور البلدية في مراقبة المكاتب الهندسية فقد اكد الكندري ان البلدية غير جادة في تطبيق القانون والدليل عدم اغلاقها لأي مكتب هندسي او سحب ترخيصه نتيجة هذه الممارسات الخاطئة في الاشراف وضعف الرقابة، مطالبا البلدية باتخاذ جميع الاجراءات القانونية تجاه المكاتب الهندسية المخالفة وكذلك حذف اسم المقاول من سجل المناقصات بصفة دائمة اذا ترتب على اهماله وجود اصابات او وفاة لعمال.

بدورها استنكرت جمعية المهندسين استمرار الاستهتار بأرواح العاملين في المشاريع الانشائية، مؤكدة أن تكرار هذه الحوادث يدعو الى الوقوف وقفة صارمة في وجه المقصرين في هذه المواقع ومحاسبتهم ونشر تقارير التحقيق في هذه الحوادث.

واعتبرت ان «تكرار الحوادث في هذه المشاريع وغيرها من المشاريع العامة جراء غياب الالتزام باشتراطات الامن والسلامة في هذه المشاريع».

وزادت «لا يمكن ان يكون تكرار الحوادث في المشاريع قيد الانشاء والانهيارات امر طبيعي بشكل دائم، فهناك قصور في تطبيق القوانين ومحاسبة المقصرين»، داعية الى لجنة لتصنيف المقاولين من قبل الجهات المعنية، ومساءلة سياسية للجهة المعنية بتطبيق هذه الاشتراطات وكذلك رفع مستوى متطلبات التأمين.

وحذرت الجمعية من الاستمرار في التهاون بتطبيق الاشتراطات والقوانين، لافتة الى اخطاء كثيرة ترتكب وتتم في الكثير من المشاريع، وهذا ما شهدناه قبل ذلك في حريقي مشروع جامعة الشدادية اللذين لم يعلن عن نتائج التحقيق فيهما، كما انه لم يعلن عن اسباب انهيار خزان الماء في مشروع مستشفى جابر ووقوع احد اسقف المساجد خلال انشائه».

ونبهت إلى أن الاستمرار في التراخي بتطبيق القوانين ومحاسبة المقصرين سيزيد من الخسائر المادية والبشرية في مشاريع القطاعين العام والخاص، مشددة على ان ارواح البشر ليست بهذا الرخص.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي